المقالات

ماذا بعد انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو؟!؟

ماذا بعد انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو؟!؟

 

بقلم ملهي شراحيلي

وقع ممثلو الدول الـــ 30 الأعضاء بحلف شمال الأطلسي (الناتو)  بروتوكولات الإنضمام اللازمة لدعوة السويد وفنلندا للانضمام إلى الحلف في حفل أقيم اليوم، في مقر الحلف في بروكسل.
وقال وزير الخارجية الفنلندي، قبيل توقيع بروتوكولات الانضمام “نأمل في أن تتم المصادقة بسرعة”.
من جانبها، قالت نظيرته السويدية “توقيع بروتوكولات الانضمام يمنحنا مكانة البلد الضيف” في الحلف.
لكنّ البلدَين لن يستفيدا من الحماية المنصوص عليها في المادة 5 للدفاع المتبادل في حال وقوع هجوم طالما أن الدول الأعضاء الثلاثين لم تصادق على عضويتهما.
من جهة أخرى جددت تركيا تهديها بعرقلة انضمام كل من السويد وفنلندا لعضوية الحلف. بحسب مانقلته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، اليوم، عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو القول: إن تركيا لن تصادق على عضوية «الناتو» ما لم تفِ الدولتان المتقدمتان بوعودهما بمكافحة الإرهاب وتسليم المشتبه بهم، بموجب مذكرة تفاهم تم التوصل إليها على هامش قمة للحلف في مدريد الأسبوع الماضي.
وقال في تصريحات تلفزيونية: «عليهما الامتثال للوثيقة، وإذا لم تفعلا فلن نسمح لهما بالانضمام للناتو».

وكانت قد تقدمت السويد وفنلندا بطلب للانضمام إلى الحلف في 18 مايو (أيار)، على ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، لكن تركيا عرقلت محاولتهما لأسابيع بسبب مخاوف مرتبطة بالإرهاب. وتتطلب العضوية الجديدة في الحلف موافقة الأعضاء بالإجماع!!.
 وتتيح بروتوكولات الإنضمام، للأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج، دعوة السويد وفنلندا رسميا للإنضمام للحلف.
بيد أنه مازال يتعين أن تصادق كل دولة عضو بالناتو على دعوة الانضمام بموافقة تشريعية على بروتوكولات الانضمام، وهى عملية من مهام برلمانات الدول، ومع أن العملية يُتوقع أن تستغرق 6 إلى 8 أشهر، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء"الألمانية"، إلا أن الرغبة الجامحة للغرب، سوف تقلص المدة الزمنية وربما تتم في أقل من ثلاثة أشهر.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ماذا سوف تضيفان دولتا السويد وفنلندا لحلف الناتو؟
وما الفوائد التي سوف يحققها الحلف بانضمام فلندا والسويد؟
والسؤال الأهم: لماذا الناتو مهتم بإضافة أعضاء آخرين، لاسيما في ظل الصراع القائم؟
ماهي الخطة الغربية للمرحلة القادمة، والتي يبدو أنها لن تتم إلا بإضافة باقي دول أوروبا للناتو، والبداية بالسويد وفنلندا؟؟
بالمقابل، ماهو موقف روسيا؟
وهل تقوم بردة فعل تجاه هذا الإجراء؟
من خلال لمحة سريعة على الأحداث في أوكرانيا، وتحديدًا مايجري في إقليم دونباس، والنتائج القوية، التي حققتها القوات الروسية هناك، نكتشف أن الجيش الأوكراني على وشك الإنهيار، ليس فقط في شرق أوكرانيا، بل في عموم أوكرانيا، رغم ما وصله من معدات عسكرية متطورة في الفترة الأخيرة، ولهذا فإن الرهان الغربي، على استبسال الجيش الأوكراني فشل، ويدرك الغرب أنه لابد من بديل آخر لاستنزاف الجيش الروسي، فما كان أمام الناتو إلا جلب أعضاء جدد ليكونوا كبش الفداء التالي، في المذبحة الأوروبية. 
إن المقومات العسكرية، والترسانة الحربية لدى فنلندا والسويد، لا تمثل أي إضافة ذات جدوى لحلف الناتو، ولن يكون لوجودهما في الحلف أي ثقل عسكري، ولا إقتصادي، ولا حتى سياسي، وفي حقيقة الأمر أن دول أوروبا كلها، ممن ينضمون للحلف ومن هم خارج الحلف لا يشكلون أي تهديد أمني أو عسكري لروسيا! إلا بوجود الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. 
هذا يعني أن إضافة دول أخرى من أوروبا للناتو، لن يغير من الأمر شيء بالنسبة لروسيا، ولن يضرها بشيء، إلا من جهة رفع عدد القتلى ممن ينتمون لحلف الناتو. 
إن الفوائد التي سوف تعود على حلف الناتو، سوف تكون لصالح أمريكا في الدرجة الأولى من خلال نشرها قواعد عسكرية لها هناك، وتأخذ من تلك الدول مقابل، بالإضافة إلى توريد أسلحة بمليارات الدولارات. 
لقد نشرت أمريكا وحدها لحد الآن في أوروبا أكثر من ٣٠٠ ألف عسكري،  وهي تسعى جاهدة لنشر المزيد، ولن يتأتى لها ذلك إلا بإضافة أعضاء آخرين، ولهذا جاء الإختيار على السويد وفنلندا.
لكن هل سوف يتوقف الحلف عن إضافة أعضاء بعد فنلندا والسويد؟
بالتأكيد لا، فقريبا سوف يتم دعوة آخرين، ولكن ربما عندما ينهي الحلف استعداداته العسكرية للمواجهة المباشرة مع روسيا في دولة أخرى بعد نفاذ الجيش الأوكراني. 
إن المؤشرات الميدانية، والتقارير الصحفية، والمراشقات الإعلامية، وما يسقط منها في زلات الألسن،
وما يتم تسريبه، عمدا، وقسرا في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل، الغربية منها والشرقية، توحي بما لايدع مجالاً للشك أن في جعبة روسيا أشياء كثيرة، أكبر من أوكرانيا، وربما من أوروبا، وجعبة الغرب لا تخلو من المفاجآت، وفيها من الخداع والمكر، أضعاف ما لدى روسيا والصين معاً.
وإذا كانت روسيا تراهن على عامل الزمن، وتحاول أن تستنفذ مخزونات الأوروبين من النفط والغاز، وتستغل الشتاء القادم، لضرب ضربتها الساحقة بقطع الإمدادات، فلا شك أن الناتو بقيادة أمريكا، يدرك هذي المسألة وبدأ فعلا بعد العدة، وشحذ الهمة، ليس بتأمين بدائل للنفط والغاز الروسي، وإنما بسحق روسيا، ولو كلفهم ذلك تقديم نصف دول أوروبا لاسيما ممن هم خارج حلف الناتو. 
لقد أعلن الغرب منذ اليوم الأول للحرب الروسية الأوكرانية، أنهم سوف يبذلون أقصى مايستطيعون لإبقاء الحرب داخل أوكرانيا!!.
لكن الحرب لاتبقي ولا تذر، ومن لم يكتوي بنار الحرب أصابه شرر تداعياتها، وهاهي دول العالم تئن تحت وطأة الغلاء، وقريبا سوف تثور الكثير من شعوب العالم وتحدث اضطرابات ونزاعات، وتسقط دول، وتباد أنظمة، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
إن إعلان الغرب عن جعل الحرب لاتخرج من أوكرانيا، كان ناقصاً، فهم كانوا يقصدون، عدم خروجها من أوكرانيا حتى نجد البديل وننهي استعدادتنا، وهاهو البديل الآن جاهز فنلندا والسويد!!.
لقد باءت بالفشل كل المحاولات الغربية في إيجاد البديل للغاز والنفط الروسي، كما فشلت العقوبات الاقتصادية، وقبلها فشل مجلس الأمن في إصدار قرار واحد لإدانة العملية العسكرية الروسية، ناهيك عن خروجهم بقرار تحت الفصل السابع، ليخولهم التدخل عسكرياً، إذن ليس هناك من بديل سوى الحرب، إلا أن تحدث معجزة، وزمن المعجزات ولىّ.

وإذا كانت الحرب الروسية الأوكرانية سببت المآسي للعالم، فكيف سوف تكون الحرب العالمية الثالثة القادمة؟!؟