✍🏼بقلم: أحمد الخبراني
لم يكن حديث معالي وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال المؤتمر الصحفي الحكومي تصريحًا عابرًا، بل رسالة واضحة تعيد ضبط مفهوم حرية التعبير في الفضاء الإعلامي، وتضع حدًا لمحاولات الخلط بين الرأي المشروع والفوضى المقصودة.
ويأتي التأكيد على أن القوانين في المملكة تكفل حرية التعبير ليضع النقاش في إطاره الصحيح، ويعيد التذكير بحقيقة نظامية راسخة، بعيدًا عن محاولات تشويه المشهد الإعلامي أو إخراجه عن واقعه. فالتعبير عن الرأي مكفول، والنقد متاح، والاختلاف مشروع، غير أن جميعها محكومة بإطار النظام واحترام المجتمع.
في المقابل، يتضح الموقف تجاه الأساليب الإعلامية القائمة على الإثارة، التي تُغلّب السعي إلى الانتشار والتفاعل على حساب المسؤولية، وقد تقود إلى تأجيج الرأي العام أو إرباك المشهد الإعلامي. وهنا يتجلى الفرق بين إعلام يصنع وعيًا ويبني ثقة، ومحتوى يلاحق التفاعل اللحظي دون نظر كافٍ إلى الأثر أو العواقب.
كما أُشير بوضوح إلى أن تأجيج الرأي العام يُعد من الممارسات الإعلامية الممنوعة، وهو تأكيد بالغ الأهمية في زمن أصبحت فيه الكلمة سريعة الانتشار، عالية التأثير، فالمنصات الرقمية ليست ساحات مفتوحة لكل ما يُقال، بل مساحات يفترض أن تُدار بوعي ومهنية.
حرية التعبير لا تعني خلق فوضى في الفضاء الإعلامي، بل ممارسة واعية توازن بين الحق والمسؤولية، وتحفظ للنقاش العام مساره الصحيح، فليس كل ما يُنشر رأيًا، ولا كل ما يُقال يدخل ضمن إطار الحرية، وبين النقد والإساءة، وبين التعبير والتحريض، مسافة يجب ألا تُتجاوز
فالإعلامي، والناشط، وصانع المحتوى، جميعهم شركاء في المشهد الإعلامي، وجميعهم مطالبون بالمسؤولية ذاتها. فحمل المنصة يعني حمل الأثر، وحمل الكلمة يعني تحمّل تبعاتها، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالرأي العام واستقرار المجتمع.
وفي ظل هذا المشهد الإعلامي المتسارع، يأتي هذا الطرح ليضع حرية التعبير في إطارها الصحيح؛ حق تكفله الأنظمة، ومسؤولية لا تقبل العبث.
فعندما تُمارس حرية التعبير بوعي، تصبح أداة بناء، وتفتح أبواب النقاش المسؤول، وتعزز الثقة بين الإعلام والمجتمع، أما حين تُستغل بلا وعي أو ضمير، فإنها تفقد معناها، وتتحول من حق مشروع إلى ضجيج عابر لا يخدم المجتمع.
(0) التعليقات
تسجيل الدخول
لا توجد تعليقات