الرياض – عدسة أقلام الخبر

حوار - أحمد الخبراني 
في أحد البوفيهات الشعبية التي ما زالت تحتفظ بنكهتها القديمة ورائحة الفول المتصاعدة كل صباح، لفت انتباهي رجلٌ يجلس ويتناول فطوره المعتاد بهدوء يشبه سكون الشتاء.
كان حضوره مختلفًا… ليس لأنه مجرد زائر، بل لأنه والدي؛ رجل تجاوز الستين، خدم وطنه في القوات الجوية الملكية السعودية، وشارك في حرب الخليج، وما زال وفيًّا لطقوسه الصباحية كما عرفته طوال حياتي.

ورغم تغيّر المدن واتساعها، ظل هو محبًا للبساطة… يفضّل الأماكن الشعبية، ويقول إن فيها روح الناس الأولى، ودفء الحياة قبل أن تصبح أسرع وأكبر.

اقتربتُ منه، وبدأ هذا الحوار…

◆ بداية الحديث

عدسة أقلام الخبر: ما زلت متمسكًا بالفول كل صباح؟
والدي: يبتسم:
“أكثر من خمسين سنة…
ما يبدأ يومي بدونه.
الفطور بداية النظام.”
 

◆ عن حبّه للصباح

عدسة أقلام الخبر: لماذا هذا الارتباط بالصباح؟
والدي:
“العسكرية هي السبب…
تعودنا نصحى قبل الشمس، ومع الوقت صار الصباح أحلى وقت.
يعطيك بركة وقوة.”

◆ عن البساطة والأماكن الشعبية

عدسة أقلام الخبر: ورغم كل التطور… ما زلت تفضّل الأماكن الشعبية. ليه؟
والدي:
“أنا رجل أحب البساطة…
وهنا أحس براحة.
الجو، الناس، الذكريات… كلها تعطيك شعور أنك في مكانك الصحيح.”

◆ ذكريات القوات الجوية وحرب الخليج

عدسة أقلام الخبر: وكيف تتذكر مشاركتك في حرب الخليج؟
والدي: يصمت قليلاً:
“كانت أيام فخر…
العسكرية مدرسة، والانضباط أساس.
وحرب الخليج مسؤولية ما ينساها رجل… أدّينا واجبنا لله ثم للقيادة والوطن.”

◆ التطور وتغيّر نمط الحياة

عدسة أقلام الخبر: كيف ترى الحياة اليوم مقارنة بالماضي؟
والدي:
“التطور شيء جميل… وهذه سنة الحياة.
كل زمان له ناسه وطريقته.
والوضع تغيّر كثير… صارت النعم أكثر ولله الحمد.
اليوم كل شيء صار أسهل وميسّر…
وهذا فضل الله ثم فضل قيادتنا—الله يحفظهم—اللي ما قصّروا في توفير كل ما يعين الناس على حياتهم.”

◆ صباحات ما بعد التقاعد

عدسة أقلام الخبر: وكيف تبدو صباحاتك اليوم؟
والدي:
“الحمد لله… راحة.
أصلي، أشرب قهوتي، وأجي أفطر … وبعدها مشية خفيفة.
أهم شيء الصحة وراحة البال.”

◆ رسالة للشباب

عدسة أقلام الخبر: ماذا تقول للشباب؟
والدي:
“ابدأ يومك بدري…
وانتبه لفطورك…
اللي يضبط صباحه، يضبط حياته.
والانضباط مفتاح كل نجاح.”

◆ ختام العدسة

غادرت العدسة المكان وهي تحمل حكاية رجلٍ عاش زمنين…
زمن الحرب والانضباط، وزمن النعمة والتطور.
حكاية رجلٍ بسيط، لكنه كبير في أثره…
وحكاية جيلٍ كاملٍ صنع مستقبله بالصبر، والرضا، والوفاء للوطن وللقيم التي تربى عليها.