المقالات

“الالتزام” في التعليم؟

“الالتزام” في التعليم؟

✍🏼أ.أحمد الخبراني 

بينما تتسابق المؤسسات نحو تعزيز صورتها في الفضاء الرقمي، يبقى التعليم – للأسف – نوعاً ما مكشوفًا، دون رقابة تحمي من عبث بعض ممارسي مهنة التعليم، ودون إطار واضح يضبط سلوك من ينتسبون إليه على المنصات الرقمية.

 

لقد تصدّر بعض المعلمين مشهد “السوشال ميديا”، لا ليقدّموا علمًا، أو يرفعوا وعيًا، بل ليُصبحوا “مشاهير محتوى”، يروّجون لسلوكيات لا تليق، ومعلومات تربوية بعضها قد يكون مغلوطة، ومظاهر استعراضية هابطة، متجاهلين مكانة المعلّم، ومسؤولية الكلمة، وأثر القدوة.

 

 وللأسف هذا يحدث بلا حسيب، ودون مراقبة لهذا الانفلات، والصورة تتشوّه يومًا بعد آخر، بفعل من يلبسون عباءة المعلّم، ويستخدمونها لبناء شهرة، أو تسويق منتج، أو نشر محتوى سطحي، لا علاقة له بالتربية والتعليم.

 

لسنا ضد حرية الأفراد، ولا ضد الظهور أو التوثيق الذاتي، لكن حين يستغل من يظهر عبر منصات التواصل مهنته كـ “معلم” في محتوى لا يمت للمهنة بصلة، ويبث تلك الرسائل أمام طلابه وتلاميذه، فالمسألة تتجاوز المزاح والتسويق إلى العبث بهوية التعليم نفسه.

 

لقد رأينا كيف تضبط وزارة الصحة بين الحين والآخر بعض الممارسين الصحيين الذين يروّجون لمعلومات مغلوطة عبر المنصات الرقمية، وتتخذ بحقهم الإجراءات اللازمة من خلال إدارة “الالتزام” لضمان الموثوقية وحماية المجتمع من التضليل.

 

ورأينا كيف لا تتوانى الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، ووزارة الإعلام، في سحب الرخص المهنية، أو إيقاع العقوبات، بحق من يبثّون محتوى غير لائق أو مضلل، حفاظًا على الذوق العام ومصداقية الخطاب الإعلامي وغيرهم من القطاعات التي فعلت دورها بشكل جدي، حمايةً لمصداقيتها وسمعتها وحفاظاً على المجتمع من التشويش بالمعلومات والتصرفات المغلوطة .

 

فلماذا لا تُفعّل وزارة التعليم آلية مماثلة؟

 

ولكي نحافظ على محتوى سليم ينطلق من المعلم، لا بد أن يعلم كل من يمارس هذه المهنة أن خلفه أجيالاً ترى أفعاله، وتراقب تصرفاته، وتعتقد أن ما يقدمه معلمهم هو الصواب، وهو بالنسبة لهم القدوة، وهو النموذج، لذا، يجب على المعلم أن يحترم مهنته، ويعي رسالته، كما أنني أرى بأنه يجب تفعيل دور “الالتزام” التعليمي، لحماية عقول الأجيال، وصون فكر المجتمع من هذه التصرفات العابثة التي تُربك الهوية التعليمية والتربوية، وتُسيء لرسالة المعلم الحقيقية.