
يُصادف الخامس والعشرون من يوليو في كل عام، (اليوم العالمي للوقاية من الغرق )، وهو اليوم الذي يُفترض أن يوقظ فينا الوعي بخطرٍ لا يفرق بين بحر ومسبح، ولا بين كبير وصغير، ولا بين إهمال ظاهر وخطر خفي.
وبينما يحتفي العالم بهذه المناسبة، أقف لأستذكر قصة مؤلمة ليست من الخيال، بل من الوجع. قصة غرق لم يكن في محيطٍ عميق، ولا في نهرٍ جارٍ، بل في (حوش) الـمنزل، وفي مسبح هوائي صغير كان يفترض أن يكون مصدر فرح… فتحوّل في لحظة إلى مصيدة موت.
نايف، طفلي البريء، الذي كان يتهيأ للسباحة وهو مفعم بالحياة. لم يكن يدرك – ولم نكن ندرك – أن خطر الغرق هذه المرة ليس من الماء وحده، بل من الكهرباء التي تسللت إليه بصمتٍ قاتل.
منفاخ كهربائي، أو إنارة داخل المسبح غير معزولة، أو جهاز مجاور للأسف لم يُفحص جيدًا… لحظة واحدة فقط، ستكون كافية لسرقة روح برئية دون سابق إنذار.
فلم نسمع لنايف صراخًا… ولم يطلب منا النجدة…
فقط سلم جسده بكل هدوء، لتصعد روحه إلى بارئها، ويُغرقَ البيت بدموع الألم والحزن.
هذه ليست قصة عابرة، بل جرس إنذار نُقرعه في هذا اليوم العالمي للغرق. فالسبب هذه المرة لم يكن ضعف السباحة أو عدم ارتداء سترة نجاة، بل “الكهرباء”، حين تجتمع بالماء دون عزل أو احتياطات أو قُرب الأجهزة من الأماكن المبللة بالمياه.
وهذا ما يغفل عنه الكثيرون…
إن الغريق لا يُحسن دائمًا الصراخ، ولا يلوّح طالبًا النجاة… بل يُغادر في صمت، ويترك وراءه حزنًا لا يُنسى.
رسالتي في هذا اليوم، من قلب أبٍ مفجوع:
🔹 افحصوا كل ما يلامس الماء.
🔹 لا تستهينوا بإنارة أو جهازٍ كهربائي بقرب المسابح.
🔹 راقبوا أطفالكم لحظة بلحظة، وكونوا أكثر حذرًا مما تظنون.
رحم الله نايف، يا من كان لنا الفرح، والضوء، والنور… فقد غادرنا في لحظة لا نعلم كيف ولا لماذا، لكننا نعلم يا صغيري بأن الله اختارك وأحبك، وجعل لك قصة تحيي الوعي، وتوقظ القلوب.
فلعل فاجعتك تكون نجاةً لغيرك، ودمعتنا طريقًا لحياةٍ تُصان فيها أرواح بريئة.
✍🏼أ.أحمد الخبراني
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات