
✍🏼محمد الرياني
كنتُ أعتقد أن بعد الواحدة أي بعد منتصف الليل تنام الأرض بمن عليها ، على العكس تمامًا ، خرجتُ إلى الشارع رويدًا رويدًا ، الأنوار الساطعة على الشوارع ومعظم المحلات حضرتْ مكان الشمس ، كان آخرون مثلي قد خرجوا إلى الشوارع مثلي رويدًا رويدًا في هدوء الليل الذي لم يفقد كثيرًا من وقاره على الرغم من أن النور دثَّرَ سواد الليل المعتاد ، غادرتْ رأسي آثارُ النوم وبدتْ خارطة النوم مثل صحراء بلا معالم ؛ لكنني أرى بوضوح المعالم على جانبي الطريق أو الطرقات وأقرأ جيدًا لوحات المحلات وبالذات مطاعم المشويات التي تفتح أبوابها للذين يتناولون العشاء بعد منتصف الليل ، كانت المساحة الزمنية بين الواحدة والثانية بعد منتصف الليل رائعة على الرغم من أنها وقت للنوم ومغادرة حياة الصخب مؤقتًا ، وجدتُ نفسي أمام المقهى الذي اعتدتُ أن أتناول فيه مشروب القهوة المفضل لي ، كان المقهى يضج بمرتاديه ، ويبدو أن العمل والهروب من دوامته والبعد عن المساحات الضيقة التي تبعث على الاختناق تدفع الكثير لاحتساء قهوة منتصف الليل ، بعد أول رشفة في المقهى وجدتُ طعمها رائعًا بالفعل ، مؤشر الليل يقترب من نهاية نصفه الثاني ، شيء من السرور عندما يجمعك الليل بفنجان من القهوة وابتسامةِ بائعٍ أنيق وليل يجمع السواد ووهج الأضواء الفاتنة ، كان المقهى رائعًا وهو يقترب من توديع رواده ، تركتُ بعضهم يلملمون أحاديثهم وبعض أشيائهم وغادرتُ بهدوء ، تخيلتُ أن الطاولات التي نضع عليها أكواب القهوة لا تقل روعة عن طعم القهوة نفسها ، تحتفظ بصمتٍ عجيبٍ وتمتص أسرار مَن يجلسون على مقاعدها ، ليبقى الليل أحد الأسرار العجيبة حيث يدفعنا لنقرأ سطوره بإعجاب .
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات