
✍🏼 ملهي شراحيلي
في مساء الخامس عشر من مارس الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن عملية عسكرية أمريكية، ضد جماعة الحوثي الإرهابية، مؤكداً أن الجيش الأمريكي سوف يستئصل جماعة الحوثي الإرهابية، الذين يعيقون ويعرقلون الحركة الملاحية في بحر العرب والبحر الأحمر، من خلال استهداف السفن التي تستخدم مضيق باب المندب.
قائلاً للحوثيين: لقد انتهى وقتكم.
وما إن تناقلت وسائل الإعلام، إعلان ترامب، بدأت الغارات الأميركية على مواقع ومقرات جماعة الحوثي الإرهابية، في عموم المناطق التي يسيطر عليها الحوثي.
وإلى هذه اللحظة لاتزال العملية مستمرة.
ورغم مضي ثمانية ايّام على انطلاقها، نفّذت فيها القوات الأمريكية عشرات الغارات، بالإضافة إلى إستخدام البارجات البحرية، إلا أن نتائجها لم تظهر بعد، ولاتزال جماعة الحوثي، تشكل خطراً على السفن والبواخر التي تحاول المرور عبر مضيق باب المندب!!!.
ولم يظهر من الجماعة إلى الآن بوادر استسلام، ولا حتى دعوات للتفاوض، مع أن إعلان ترامب كان واضحاً وصريحاً أن الهدف من هذه العملية تحرير الممرات المائية، واستئصال الجماعة الإرهابية، مما يعني أنه لامجال للتفاوض ولا حتى الاستسلام!!!.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:
ليس إلى متى سوف تستمر هذه العملية؟
بل، هل سوف يتحقق هدفها المُعلن، وهو تحرير الممرات المائية والقضاء على جماعة الحوثي الإرهابية؟!؟
في حقيقة الأمر إن الهدف المُعلن لهذه العملية، ليس مستحيلاً ولا صعباً إذا ما قارنا الإمكانات الهائلة للجيش الأمريكي، بالقدرات المتواضعة لجماعة الحوثي الإرهابية، مما يعني نجاح العملية العسكرية الأمريكية في تحرير الممرات المائية، وهذا بحد ذاته كفيل بالقضاء على الجماعة الإرهابية في اليمن.
لكن هل هذا فقط مايريده ترامب، من هذه العملية؟!؟
بعبارة أخرى: هل أمريكا تريد فقط تحرير الممرات المائية والقضاء على جماعة الحوثي الإرهابية؟
أم أن هناك أهداف أخرى من وراء هذه العملية؟!؟
لقد جاءت هذه العملية بعد سلسلة من اللقاءات والمشاورات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مما يعني أن هذه العملية نتيجة توافقات دولية وإقليمية، فقد أعلنت روسيا أيام بايدن، عن تسليح الدول والمنظمات التي تحارب أمريكا أو على خلاف مع أمريكا، رداً على تسليح أمريكا والغرب لأوكرانيا، لكن الآن الوضع أختلف، ولذلك فلم ولن تعارض تنفيذ هذه العملية الأمريكية، وحتى الصين لن تبدي معارضتها!!!
إذن لم يتبقى سوى إيران، وهي المؤسس والراعي الرسمي للحوثيين، وهي في ذات الوقت خسرت وجودها في سوريا وقبل ذلك لبنان، فهل تعوض خسارئها هناك في اليمن؟!؟
إن مما لاشك فيه أن ترامب، والعالم أجمع يعلم يقيناً أن من يهدد الملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر هي إيران وليس جماعة الحوثي الإرهابية، لذلك فإن من الأهداف غير المُعلنة لهذه العملية تأديب إيران، وإخراجها من المشهد السياسي.
ومع أن إيران في ورطة مع الغرب وخاصة مع أمريكا بسبب برنامجها النووي، إلا أن جماعة الحوثي الإرهابية، سبب وجيه لضرب إيران، أكثر من برنامجها النووي، لذلك بدأ ترامب، بهذه العملية.
إن تهديد الممرات المائية ومنع السفن من استخدامها يعتبر نوع من انواع قطع الطرق، الذي ترفضه كل الأديان قبل المواثيق الدولية والقوانين الوضعية، لذلك فإن العملية العسكرية الأمريكية في اليمن تعتبر شرعية أكثر من عملية عسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي المزعوم.
وعليه فإن أفضل طريقة لجر إيران للحرب هي من خلال الحوثي، وهذا ماتخطط له الولايات المتحدة الأمريكية، وترامب، شخصياً، وطبعاً بتوافق دولي وأقليمي، وكلما تحسنت فرص المفاوضات وزادت نسب نجاحها، سوف ينعكس ذلك على العملية العسكرية الأمريكية في اليمن، حتى تصل إلى طهران.
أما بالنسبة لمن يرون أن العملية العسكرية الأمريكية في اليمن لن تنجح إلا بتواجد على الأرض، وتحرك الشرعية، فالغرض من هذه العملية ليس تحرير اليمن من الحوثي لصالح الشرعية اليمنية، وإن كانت الشرعية سوف تستفيد من هذه العملية لاحقاً، إلا أن هدف العملية تحرير الممرات المائية والقضاء على جماعة الحوثي الإرهابية، وجر إيران للحرب.
ومن وجهة نظري الشخصية، أن ترامب، لن تكتحل أجفانه بالكِرى، قبل أن تمتد المعركة إلى طهران، ولسان حاله يردد ما قاله الشاعر الجاهلي، عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد العبسي، قديماً، حين قال:
إِذا لَم أُرَوّي صارِمي مِن دَمِ العِدا
وَيُصبِحُ مِن إِفرِندِهِ الدَمُ يَقطُرُ
فَلا كُحِلَت أَجفانُ عَينَيَّ بِالكَرى
وَلا جاءَني مِن طَيفِ عَبلَةَ مُخبِرُ
إِذا ما رَآني الغَربُ ذَلَّ لِهَيبَتي
وَما زالَ باعُ الشَرقِ عَنِّيَ يُقصَرُ.
MelhiSharahili@gmail.com
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات