المقالات

كل ساقي سيُسقى بما سَقى

كل ساقي سيُسقى بما سَقى

 

حرم الله- سبحانه وتعالى- الظلم وإيذاء الناس، حيث قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)، فهل للظلم حدود أو مقاييس؟ هل تتغير طرق الظلم وأسبابه من زمن إلى آخر؟ هل ينتقم الله من الظالم؟ وهل استفادنا من القصص التاريخية حول الظلم وعواقبه الوخيمة؟ 

فمن قصص الظلم التي تجلت فيها قدرة الله وانتقامه من الظالم ،ما روي، أن أروى بنت اويس اشتكت لمروان بن الحكم، بأن سعيد ابن زيد أخذ جزء من أرضها، فدافع سعيد عن نفسه ثم أطلق دعوة المظلوم حيث قال" الهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها" وتمت إجابة دعوة سعيد بن زيد رضي الله عنه، فعميت قبل وفاتها وسقطت في حفرة بأرضها فماتت. 

فالظلم وان تعددت طرقه وأساليبه وإن اختلفت أنماطه من زمن إلى آخر، فلا يعدو أن يكون من خبيث الخصال وحقيرها، فميادين الظلم وبيئاته متجددة في كل زمان ومكان وحسب تطور الحياة وتعدد أنماط العيش فيها، وتعدد وسائل وطرق التواصل بين الناس، ولكن لا يختلف الرأي على أن الظلم بأي طريقة أو أسلوب محرم ومرفوض وعواقبه وخيمة. وقد يرفع الله مكانة المظلوم في الدنيا والآخرة، ويسقط الظالم ويسحقه ويأخذه أخذ عزيز مقتدر، مهما كانت قوته الظالم وسطوته ومهما كانت مكانته.

وما يجري بين الناس من سوء علاقات، وسوء ظن وكراهية وأحقاد وضغائن واتهامات ، كلها أسباب تجر إلى وقوع الظلم وانتشاره وتغذيته وإيجاد الأرض الخصبة لتناميه بين أبناء المجتمع الواحد أو الأقارب والأخوان. ولنا في قصة يوسف- عليه السلام- عظة وعبرة. 

 "اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:٩]ما وقع ليوسف من ظلم إخوته له بسبب حقدهم وغيرتهم منه ، وما ذكره القرآن الكريم، لدليل على خطورة الحقد والكراهية وما آلت إليه الأمور في قصة يوسف من ظلم ودسائس وتهكم من أقرب الأقربين له، ومن قصة يوسف وإخوته نتعرف على حكمة الله في تدبير الأمور، ونستشعر انتقام الله ليوسف من إخوته وتمكينه في الأرض وتسهيل وصوله إلى أعلى سلطة ، وندرك ما قدره الله لإخوته، من استصغار وخنوع وإذلال بسبب ظلمهم ليوسف -عليه السلام-.

وما نقراءه في وسائل الإعلام، من حوادث ظلم بين أبناء الأسرة الواحدة، أما بتعذيب أحد الأبناء، أو اعتداء الأبناء على الآباء والأمهات بالضرب أو القتل. وما نجده في المحاكم ودوائر الفصل بين الناس من تشاجر وتظالم واعتداءات، وما نسمعه في مجالسنا من غيبية ونميمة واستصغار بعضنا للبعض، وما نجده من تحايل ومماطلة أو واسطات خبيثة في بعض دوائرنا الحكومية. وما نرسله من جوالاتنا من رسائل أو شيلات أو غيرها بهدف احتقار أحد أو إيصال رسالة للغير بقصد التقليل من قيمته بطريقه غير مباشرة، جميع ما ذكر وغيرها مما لا نعلمه الله يعلمه، تدخل في دائرة الظلم والجور وعواقبها وخيمة، حيث يقول الله تعالى وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 11

✍️ الكاتب/ مسفر ال شايع