المقالات

المعلم منارة هدى وصلاح

المعلم منارة هدى وصلاح

بقلم: فلاح بن علي الزهراني

لا شك أن المعلم يقوم بدور محوري في التنمية البشرية، بدءًا ببناء الشخصية المتزنة؛ نفسيًا وعقليًا ومهاريًا وجسديًا، تبعًا للمناهج والتخصصات المتعددة، التي تشكل المنظومة التعليمية؛ كتكامل في إطار المهمة المنوطة بالمؤسسات التربوية والتعليمية، والتي تمد الطالب بالمعلومات والمعارف والمهارات التي تسهم في نمو الفرد وتطوره، بلوغًا للنضج، بل الإدراك الكامل بمجريات الحياة العامة، ليسهم بفاعلية وإخلاص بكل صدق وولاء وانتماء.

 

ولأن المعلم يمثل الأب في كونه يهييء الطالب لمستقبل واعد، فإنه يضطلع بمهمةٍ تربوية لا تتوقف عند حدود التلقي المعرفي، بل إلى الممارسة السلوكية المتسقة مع ثقافة المجتمع، إذ يقوم بدور فاعل ومؤثر في التنشئة الصالحة؛ نصحًا وتوجيهًا وإرشادًا، لخلق توازنٍ وإتساقٍ في إطار مشتركات حياتية، تتسق وروح العصر، بل وتوثق عرى العلاقات والتفاعلات الإيجابية، والتي تزداد تطورًا وتناغمًا فكريًا ومهاريًا كلما أزداد ملأً معرفيًا ونموًا فكريًا، لتتماشى ومتطلبات المرحلة، لتصبح نهجًا واثقًا وأسلوبًا مثاليًا، وهي ما تحدد هوية الفرد، بل تعزز الانتماء للدين والقيم الأصيلة، وكذلك الولاء للمجتمع؛ قيادة ووطنا.

 

إن المعلم بوصفه مصدر النور والاستنارة، كونه صانع العقول، مربي الأجيال، الأب الروحي لجميع المهن والحرف، الذي تتشكل من نتاجه حضارات الأمم، كما ترفع بمخرجاته رايات المجد للدول والأوطان!

 

إن مهنة التعليم لم تكن مجرد وظيفة ذات آداء آلي، بل هي رسالة تسمو على سائر المهن، فالبناء روحي معرفي مهاري عاطفي لا مادي، وهو ما يعظم قيمة المعلم كاصطفاء وتكريم بما حباه الله من حظٍ عظيم ليكون منارة هدى وقبس ضياء، ومثلًا أعلى؛ اقتداءً واقتفاءً وأثرًا جميلًا، يبقى شاهدًا على ما قدم ويقدم من علمٍ ينتفع به لخيري البشرية جمعاء.

 

إضاءة قلم:

 

لما يمثله المعلم من رمزية فاخرة للعلية والرفعة؛ انطلاقًا من رسالته السامية التي هي امتداد للإرث النبوي، بما تحمله تلك المهمة من علم وآداب، وتثبيت لأصول الدين ومكارم الأخلاق، ليعبد الله على بصيرة من الأمر، كنهج قويم لصلاح الدارين، وهو ما يجعله في منزلة عالية بالنظر لعطاءاته ونفعه العميم، ذلك ما يجعله في موضع تكريم إلهي، وتفضيل نبوي.

كما ورد في قوله تعالى:

{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة : 11]

 

وقوله ﷺ : "فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب"

وما تخصيص يوم عالمي للمعلم إلا اعتراف بفضل المعلم وأهميته في بقاء وديمومة الإرث العلمي والبناء الأخلاقي والمجتمعي، كتذكير بإسداء الشكر له لقاء جهده وتعبه، وأثرةٍ من علمٍ، وجميل صنعٍ؛ كزرع قوي وأشتد واستوى على سوقه؛ يعجب النافع والمنتفع!

 

فلنمنح المعلم حقه من الاحترام والتقدير، بل نزرع حبه في نفوس الأبناء؛ وفاءً واعترافًا بفضله.