
بقلم: فلاح بن علي الزهراني
الأهمية:
بما أن قرارات وتوجيهات القيادة الملهمة تؤكد على تعزيز الهوية السعودية، وكل ما يمت إليها من موروثات وعادات أصيلة، إذ لا يقتصر الأمر على السلوكيات والتعاملات وحسب، بل يتجاوز ذلك للمقدرات المادية التي تشكل رافداً ودعماً اقتصاديا للوطن، وهذا بدوره يستنهض القوى والطاقات البشرية للاستثمار في مختلف أوجه النشاطات، خاصة تلك التي كانت معطلة أو مهمشة أو لا يأبه بها؛ تهاوناً أو جهلًا بقيمتها، أو لم توظف بطريقة صحيحة مما جعل مكاسبها مهاجرة للخارج!
العمق التاريخي والجدوى الاقتصادية:
ولأن عود البخور ذو جدوى اقتصادية عالية؛ فإن الإمعان في تجارته ومكاسبه تستلزم وقفةً عميقة تغير معادلة السوق رأساً على عقب، بالنظر لعوائده الضخمة، والرواج الكبير لتعاملاته واستهلاكه، والتي قد توازي أسعار المعادن النفيسة!
كونه أحد أهم وأقدم التبادلات التجارية - قياساً بالقيمة السوقية- بين السعودية ودول شرق آسيا، إذ يمثل علاقة تاريخية متأصلة ومتوارثة، وما (طريق البخور) المشهور الذي يخترق الجزيرة العربية؛ بصفته نقطة توزيع للشرق والغرب إلا خير شاهد على ذلك العمق وذلك الارتباط بين إنسان هذه الأرض الطيبة وبين العود العطري، الذي تمكن منه تمكن الروح بالجسد، سواءً البخور أو مستخلص دهن العود الذي يتميز بالثبات والرائحة الفوّاحة!
توطين واستزراع:
الأرتباط الوثيق بين الإنسان ورائحة ( عود البخور العطري الطبيعي) أو ما يسمى ( العود الأزرق أو الكمبودي) جعلت منه قيمة مضاعفة لا تنفك عن كيان السعودي ووجدانه، وكأنما هو عشق دفين يجعل له رمزية خاصة كعنوان للأناقة والأصالة، مما يجعل توطين زراعته ضرورة ملحة، لما يحمله من أبعاد تاريخية رسخت في الوعي المجتمعي كمسلمة بحضوره وأهميته، لارتباطه بالكرم العربي استهلاكاً وتهاديًا .. كما يعد جزءًا من بروتوكلات الضيافة الشعبية والرسمية، إضافة إلى استخداماته المنزلية؛ كجزء من آليات إذكاء الروائح العطرية!
وهذا ما يجعل المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج من أكثر دول العالم استهلاكاً لهذا العود الثمين؛ بخورا ودهن الطيب، وبكميات كبيرة رغم ارتفاع أسعاره بشكلٍ مبالغٍ فيه، ناهيك عن حالات الغش والخداع والتقليد، جراء استبداله بأعوادٍ عادية مزيفة يتم دهنها بالعطر لتكون مشابهة للأصلي!!
التوطين والتمكين:
ولأن استزراع نبات العود ممكنا بالنظر للتنوع البيئي لأرضنا الطيبة، وأيضا التفاوت في الطقس بين صعود واعتدال وانخفاض في درجات الحرارة مما يتيح تتلاءماً لزراعته؛ سواء في المرتفعات الجبلية أو المناطق الساحلية ذات الخصب الزراعي، إضافة إلى أن توطين ذلك النبات الثمين سيجعل المنتج أكثر ضمانا وأماناً وجودة! وسيقطع الطريق أمام الممتهنين للغش والتقليد بغية التربح غير المشروع، فضلًا عما يحققه من مردود اقتصادي عالي، ذلك ما يغير المفهوم السائد بعدم إمكانية توطين بعض المستهلكات النادرة، كحال القهوة السعودية- التي حققت نجاحات كبيرة-، وليس العود عنها ببعيد، بل هو ردفِ لها أو مصاحب لحضورها في المنازل والمجالس والدواوين الرسمية، ولعله يكون قرينها في الزراعة أيضاً!
المأمول:
• فهلاَّ تبنت وزارة البيئة والمياه والزراعة الموقرة هذا المشروع ليكون وطنيا بامتياز، ذلك ما نرجوه!!
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات