
لستُ بعالِمٍ أُفتي في الحلال والحرام، ولا بكيميائي بمعملٍ أُنظّر في الذرّة والإشعاع. أنا إنسانٌ بسيط، خُلقت لعبادة الله، وشكره، والتأمل في ملكوته، لا أحمل من الزاد إلا فطرةً نقية، وسؤالاً صادقاً: كيف يتغيّر الإيمان في قلب الإنسان بهذه السرعة؟ وكيف يُباع اليقين بنار الشك؟
إن أول بيت وُضع للناس، للذي ببكة، مهد الطهر ومنبع التوحيد، حجّت إليه العرب في جاهليتها، وتباركت به القلوب قبل أن يباركه التاريخ بعد الإسلام، وعندما كادت قريش ان تتناحر على شرف وضع الحجر الأسود، أتاهم الصادق الأمين، فحكم بينهم بعدلٍ وفطنة، فكان الحجر رمزًا للوفاق، كما كان البيت رمزًا للتوحيد.
من الجهل أن نُزايد على أهل مكة، وهم الذين يعرفون شعابها حجرًا حجرًا. واليوم، لم تعد مكة جغرافيا تُرسم، بل صارت معنى يسكن القلوب، وروحًا لكل سعودي، إنها في قلب كل من خدم ضيوف الرحمن دون أجرٍ دنيوي، ممن ابتغوا بدعائهم في العتمة رضى الله لا رضا الخلق.
أعجبُ لقومٍ يتلقّون دينهم من أعجمي، وبعضهم لا يُحسن العربية التي نزل بها القرآن! وأعجبُ أكثر لمن يبالغ في النسب، فينسب الناس إلى غير بنيها، توهّمًا أو مكابرةً أو جهلًا! أفلا يعلمون أن الانساب عند العرب محفوظة، موثقة، كشجرةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء، حفظت كما يُحفظ المصحف في صدور الصغار؟
موسى عليه السلام، غاب عن قومه أربعين يومًا، فلما عاد وجدهم يعبدون عجلًا من ذهب! غضب غضبًا جعله يلقي الألواح من يديه، فتكسر منها أربعة، وقيل بقي منها اثنان فقط: لوح الرحمة ولوح المغفرة.
كأن الرسالة ستُعاد، ولكنها ستُنزل بلسانٍ عربيٍ مبين، لتكون معجزة خاتم النبيين، فلا عجب أن يغيّر قومٌ دينهم، وأن يُبدّلوا الولاء في غمضة عين.!
إن الخطر ليس في عدوٍ ظاهر، بل في فكر دخيل، في قلبٍ تزلزل، أو عقلٍ انخدع، أو روحٍ لم تتشبث بأصلها ... الخطر فيمن لم يعرف توحيد الألوهية، مجسداً في مقام إبراهيم، والواح موسى، ورموز الشرك مجسدةً بنار كسرى، وعجل السامري.!
فقبل الفتوى اليك الحقيقة، لا تلهث خلف صخب الفضائيات، ولا تنخدع بشعارات من باعوا دينهم بمصالحهم، عد إلى الفطرة، إلى مكة، إلى البيت الحرام ... فمن هناك تبدأ الحكاية، وهناك تنتهي.!.
✍🏼علي بن عبدالله المالكي
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات