المقالات

ماذا بعد 《مطرقة منتصف الليل》؟!؟

ماذا بعد 《مطرقة منتصف الليل》؟!؟

✍🏼 ملهي شراحيلي

لقد وقعت إيران، ليس لسوء حظها، وإنما بسبب تصرفاتها الرعناء، وقعت بين السندان الإسرائيلي والمطرقة الأمريكية، فرغم عجزها الفضيع في مجارات الغارات الإسرائيلية، جاءت مطرقة منتصف الليل لتقضي على آخر آمالها، ورغم تناقض التقييمات العسكرية الأولية بشأن آثار 《مطرقة منتصف الليل》التي أطلقتها واشنطن على عمليتها العسكرية التي شنتها فجر الأحد، على المنشآت النووية فوردو ونطنز وأصفهان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أقول رغم تناقض التقييمات العسكرية إلا أن العملية كانت ناجحة على الأقل في تدمير المواقع النووية الإيرانية.

 

فبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العملية "ناجحة"، قائلا إن منشآت التخصيب النووي الإيرانية "دُمّرت تمامًا"، كانت هناك تقييمات أكثر حذرًا من الجيشين الأمريكي والإسرائيلي، قالت إن 12 قنبلة خارقة للتحصينات لم تتمكن من تدمير منشأة "فوردو".

 

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تحليلا أوليا للجيش الإسرائيلي أظهر أن الموقع النووي شديد التحصين في "فوردو" قد تعرض لأضرار جسيمة جراء الغارة الأمريكية لكنه لم يُدمر بالكامل، وفقا لما ذكره مسؤولان إسرائيليان مطلعان قالا إنه يبدو أن إيران نقلت معدات من الموقع بما في ذلك اليورانيوم.

 

كما أقر مسؤول أمريكي كبير -أيضاً- بأن الغارة الأمريكية على "فوردو" لم تدمر المنشأة شديدة التحصين، لكنه قال إنها ألحقت بها أضراراً بالغة، مما جعلها "غير قابلة للتشغيل". وأشار إلى أنه حتى 12 قنبلة خارقة للتحصينات لم تتمكن من تدمير الموقع.

 

ولا تزال تقييمات الأضرار التي أجرتها إسرائيل والولايات المتحدة مستمرة ولم يتم التوصل إلى أي استنتاجات نهائية.

 

ولكن وفي كل الأحوال وبغض النظر عن النتائج النهائية التي تركتها 《مطرقة منتصف الليل》، فإن المحصلة النهائية تدمير القوة الصاروخية، والقُدرات العسكرية لنظام الملالي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي حاولت الخروج على الأعراف الدولية والمواثيق الأممية من خلال سعيها الحثيث الحصول على أسلحة نووية، وهذه بحد ذاتها مخالفة واضحة وصريحة لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، التي وقّعت عليها جميع دول العالم بما فيها دولة إيران.

 

إن امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية حق مشروع لكل الدول ولكن وفق المواثيق الأممية والمعاهدات الدولية، غير أن إيران ظلت تماطل لعقود من الزمن في تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراجعة بنامجها النووي للتأكد من أنه سلمي، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل أنها سعت جاهدةً من برنامجها هذا لتهدد به جيرانها وأشقائها، وقد أعترف أكثر من مسؤول إيراني وفي أكثر من مناسبة أن صواريخها وقدراتها العسكرية موجهة للمملكة العربية السعودية!!!.

وبما أن الكلام قد يحرّف، لاسيما في فضاء الإعلام، ولكن وكما قيل:

الأفعال أبلغ من الأقوال، فإن ما قامت به إيران من دعم علني للجماعات الإرهابية في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، أبلغ دليل على عدائها لجيرانها وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية. 

ولكن ولأن المكر السيء لايحيق إلا بأهله، وكما قال سبحانه وتعالى:

ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين. 

وبرغم علاقتها مع الغرب بصفة عامة، وإسرائيل بخاصة، فقد شاء الله أن يجعل مكرهم بينهم، ويذيقهم بأس بعض بما كانوا يمكرون.

 

إن نظام الملالي الذي رعاه الغرب، واحتضنته إسرائيل، منذ ما يزيد على ٤٦ سنة، أصبح يشكل تهديداً للغرب وخاصة إسرائيل، لذا فلا غرابة أن يتم القضاء عليه والتخلص منه، لاسيما وأنه بدأ في مهاجمة الغرب بعد أن عاث فساداً في جيرانه من العرب. 

لقد تصور النظام الإيراني أنه بقدراته العسكرية التي دمر بها اليمن والعراق وسوريا ولبنان، أن يدمّر إسرائيل، ولكن حساباته هذه المرة لم تكن دقيقة، وقدراته لم تكن سديدة، وحتى مقراته لم تكن شديدة التحصين، ولا أسلحته لها تأثير، فتهاوت دفاعاته الأرضية، وحُيدت قدراته الجوية، وجاءت 《مطرقة منتصف الليل》لتقضي على مواقعه النووية وأحلامه الوردية، ولأنه لم يراعي حق الجوار، ولم يدخر له صديقاً لمثل هذه الأهوال، واجه مصيره المحتوم بمفرده، ولا ضير أن يتجرع من نفس الكأس التي سقى بها أبناء شعبه وجيرانه.

 

إن التصريحات الرنانة والعبارات الطنانة التي تصدح بها وسائل الإعلام الإيرانية، لم تمنع عنه الهجمات الإسرائيلية، ولا الغارات الأميركية.

أما صواريخه المطورة التي يدعيها، وطائراته المسيرة التي يفاخر بها، فلم تفلح، ليس في ضرب العمق الإسرائيلي، بل لم يكن لها تأثير يذكر في التصدي للصواريخ الإسرائيلية، ناهيك عن قدرتها على الصمود أمام القاذفات الأمريكية. 

ومع ذلك لايزال يتهدد ويتوعد بالرد على 

《مطرقة منتصف الليل》

مع أنه إلى الآن لم يستطع الرد على إسرائيل!!!!.

وفي آخر تصريحات لمن تبقى من قادة إيران الذين أبادتهم إسرائيل، يهددون بإغلاق مضيق هرمز!!!.

فإذا كانت إيران عجزت أن تلقم إسرائيل، وهي أعجز من أن ترد على الولايات المتحدة الأمريكية، فكيف لها أن تغلق مضيق هرمز لتواجه دول العالم!!!؟!

لأن إغلاق مضيق هرمز يعني إيقاف تصدير النفط والغاز لدول العالم، فهل سترضى دول العالم بذلك، أم هل تستطيع إيران أن تواجه دول العالم، وهي عاجزة في مواجهة إسرائيل!!!.

 

إن الهجمات الإيرانية التي تدعي أنها تشنها على إسرائيل، جلها إن لم يكن كلها مفبركة، ومصنعة بالذكاء الاصطناعي، سواءً من قبل إسرائيل ذاتها، أو من قبل الإعلام الإيراني وأنصاره!!!

إن من مصلحة إسرائيل أن تبالغ في حجم الآثار والأضرار الناتجة عن الصواريخ الباليستية الإيرانية والمسيرات لكي تحصل على دعم الغرب لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، بينما إيران ترى في تلك الصور والمقاطع المفبركة انتصارات وبطولات، رغم أنها تعلم يقيناً أنها انتصارات وهمية، ومع ذلك تتباها بها وتكرر وتعيد نشرها لأنصارها. 

والحقيقة التي لا جدال فيها أنه ليس فقط الإعلام الإيراني يعاني من انفصام عن الواقع، بل أن القادة الإيرانيون الذين يتزعمون المشهد السياسي والإعلامي في إيران حالياً، منفصلين عن الواقع، لأنهم يقولون أشياء، بينما الواقع على الأرض أشياء أخرى مختلفة، وكأنهم نسخ مكررة من وزير الإعلام العراقي، محمود الصحاف، إبان الغزو الأمريكي للعراق.

 

إن مما لاشك فيه أن إيران لن ترد على 

《مطرقة منتصف الليل》

ولن تجرؤ على إغلاق مضيق هرمز، وأن إيران الآن في أسوء حالاتها عسكرياً وسياسياً، وحتى اقتصادياً واجتماعياً، ليس فقط بسبب 《مطرقة منتصف الليل》وإنما بسبب الضرب الإسرائيلي المركز لمفاصل حكومة الملالي، وإن العالم اليوم أكثر أمناً وسلاماً مما كان عليه أمس، وغداً سوف يكون أكثر هدوءً، لاسيما بعد أن ينقلب شعب إيران الشقيق المغلوب على أمره، على من تبقى من الملالي، فيلفظهم وإلى الأبد. 

بإختصار: فإن العالم مابعد 《مطرقة منتصف الليل》، لن يكون كما كان قبلها.

 

لأن نظام الملالي لم يجلب لإيران سوى الظلم والذل، كما جلب للمنطقة وللعالم الحروب والدمار، ولذا فلا غرابة أن يرحل خامنئي، أو يُقضى عليه، لكي يطوي إيران والعالم أسوأ رواية عرفتها البشرية، كما قال الشاعر "بتصرف" :

كانت رواية هازلين فيَا لهم

من جاهلين وياله من مشهدِ

عضّوا أصابعَهم وراح كبيرُهم

يطفو ويرسبُ في المُقيمِ المُقعِدِ

غضبوا على معبودهم وتجنّبوا

محسودهم فكأنّه لم يُحسدِ

وتفرّقوا جزعين ممّا نابهم

إلا بقايا كالأصابع في اليدِ

وخلا البِساطُ من "الملالي" فانطوى

وصحا من النُّدمانِ كلُّ مُعَرْبِدِ

العدل دمَّرَ ما بنوا من دولةٍ

للزُّرقِ في الزمن الأحمِّ الأسودِ

لو لم يكونوا آثمين لأنكروا

آثامَ جُندٍ للفسادِ مُجنَّدِ

جُندٌ من البغي المُذمَّمِ والأذى

جعلوه للقوم الهُداةِ بمرصدِ

كرهوا الرَّشادَ فما تموج زحوفُه

إلا بساحةِ ناصِحٍ أو مُرشدِ

وترى حُماةَ الأمن من أنصارِه

يخشَوْن شَرَّ الظّالمِ المتوعِّدِ.

MelhiSharahili@gmail.com