
نايف.. يا من طيّب ذكرك سبق حروفنا، وسبقنا إلى جنانٍ عرضها السماوات والأرض.
لم يكن الخبر كغيره من الأخبار، ولم تكن الفاجعة كغيرها من المصائب.. إنها لحظة خرس فيها الكلام، وانقبض فيها القلب، وتحجرت فيها الدموع. حين وصلنا نبأ رحيلك يا نايف، أدركنا أن بعض المصائب لا توصف، وبعض الأوجاع لا يُواسى فيها صاحبها إلا بالله.
يا أبا نايف،
صبراً على الجلل، فالمصاب مصاب مدينةً كاملة لا بيتاً وحده، طفلٌ عرف الله في عمرٍ صغير، وأحب المساجد، وأكرم معلميه، وارتقى في مدارج الطهر والنقاء ...
نايف لم يكن مجرد طفل، كان نَفَساً من الجنة، أطلّ على دنيانا ليترك أثراً، ثم عاد سريعاً إلى حيث النقاء المطلق، وكأن الدنيا لم تعد تليق بصفاء قلبه،
كم مرةٍ سمعت من يثني عليه، يصفه بالهدوء، بالأدب الجم، بالذكاء اللامع، بالطاعة لوالديه، بالابتسامة المضيئة كفجر أشرق واغرب !...
يا من خطفت القلوب قبل أن تُغادرها، كل من عرفك بكى، وكل من سمع عنك تألم، وكأن فقدك أصابنا جميعاً في فلذات أكبادنا.
أبا نايف:
قد كتبت الأقلام تعزيتك، ولكن كل حرف يعجز أن يواسيك في حبيبك، ولا شيء يسندك بعد هذا السيل من الحزن سوى الصبر الجميل، والثقة بوعد الله: "وبشر الصابرين".
نسأل الله تعالى أن يجعله شفيعٌ لكم بإذن الله، وأن دموعكم سترتفع رحمة، وصبركم سيُثمر جنة، وأن محبة الناس له، ليست سوى بشارة لقبولٍ عند الله لا يُقدّر بثمن.
أما أنا، فقد تلعثم اللسان وجف القلم ...
فمن فقد شقيقين يعلم أن بعض الأحزان لا تُكتب، وبعض المواقف لا تُروى، وبعض الغصات تعجز الكلمات تعبيراً عنها، ولكنني – بعون الله – كتبت، لا وفاءً فحسب، بل لأن نايف يستحق أن يُكتب له، ويُدعى له، وتُروى سيرته، فيعرف الناس أنه كان زهرةً يافعةً لم تذبُل، بل قُطِفَت لجناتٍ أعلى.
رحمك الله يا نايف،
وأسكنك فسيح جناته،
وجعل لك في كل دعاءٍ نصيب،
ولوالديك سلواناً وصبراً،
وجعل بلاءهم هذا رفعةً لهم في الدنيا والآخرة.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
✍🏼أخوك علي بن عبدالله المالكي
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات