المقالات

“ثاني جمعة بدونك يا صغيري…”

“ثاني جمعة بدونك يا صغيري…”

 

تمضي الأيام… ويأتي يوم الجمعة من جديد  لكنه لا يشبه ما مضى.

ثاني جمعة تمرّ عليّ بعد فُقدانك يا نايف، يا صغيري، يا رفيق جمَعتي، ومصدر ابتسامتي كل صباح جمعة.

كنتَ توقظني بحماس الأطفال، لا بكاءهم.

أستيقظ على صوتك الصغير يناديني: “بابا، تأخّرنا على الجمعة!”

أجدك متأنقاً، متعطّراً، وكأنك ذاهب إلى عيد…

نلبس، نخرج، نمشي سويًا… يدك الصغيرة في يدي، وقلبك الكبير يسبقني إلى المسجد.

أتذكّر خطواتك بجواري، تأملك في كل شيء، وحرصك أن تمشي بجانبي، لا أمامي ولا خلفي.

وعند باب المسجد تنتظر دخولي أولاً لكي تدخل من بعدي، ولا أنسى كيف كنت تبادر لتناول المصحف، تقدّمه لي بيديك وكأنك تهديني كنزًا.

نجلس معًا نقرأ سورة الكهف… صوتك الهادئ يتلو معي، وعينك عليّ، تحرص على أن لا أسبقك في القراءة.

 

واليوم…

 

سرت إلى المسجد وحدي.

الطريق هو الطريق، والرّصيف لم يتغيّر، لكنه خالٍ من وقع خطواتك، خالٍ من صوتك، من يدك التي كانت تتمسّك بي كل جمعة.

جلست في مكاني… نظرت إلى جانبي، فوجدته فارغًا، كفراغ قلبي منذ غيابك.

فتحت المصحف، وقرأته بصوتٍ مكسور، كأنّي أبحث عنك بين الآيات.

 

نايف…

لم تكن صلاة الجمعة صلاةً عادية، كنتَ جزءًا منها، كنتَ روحها.

كنتَ بهجتها… وكل لحظة فيها، كنتَ أنت من يصنعها.

 

اللهم إني استودعتك صغيري، فلا تريني فيه بأسًا في قبره، واجعل له نورًا وسعةً ورحمة،

واجعل هذه الجمعة عندك خير له من كل جمعة قضاها على الأرض،

وارزقني صبرًا يعادل شوقي له، ورضاً بحكمك، وعوضاً لا يخطر لي على بال.

 

✍🏼بقلم أحمد الخبراني