الثقافية

الحِرَف التقليدية في المملكة إرث حيّ ينبض بهوية الثقافة المحلية

الحِرَف التقليدية في المملكة إرث حيّ ينبض بهوية الثقافة المحلية

الرياض -أقلام الخبر 

في تفاصيل الخيوط المنسوجة، وأشكال الطين المشكّلة، والنقوش المحفورة بدقة، تتجلى ملامح الهوية السعودية التي صيغت بأيدي أبناء الوطن، جاعلين من الحِرَف اليدوية أكثر من مجرد أدوات للحياة اليومية.

 ففي مختلف مناطق المملكة، تبرز الحِرَف التقليدية مرآة تعكس روح الإنسان وارتباطه العميق بالمكان، وتحولت هذه المهن من وظائف تمس متطلبات الحياة اليومية إلى فنون تعبّر عن الذاكرة الجمعية، وتحمل في طياتها قصص الأجداد، وملامح البيئة، وخصوصية الثقافة المحلية.

 وتتنوع هذه الحِرَف بين السدو، والخوص، والفخار، والنقش على الخشب والمعادن، وغيرها من الفنون التي لا تزال حاضرة في الأسواق الشعبية والمهرجانات التراثية، مدعومة بمبادرات وطنية تسعى إلى إحيائها وتمكين الحرفيين من مواصلة هذا الإرث العريق.

 وتؤكد هذه الحِرَف، في كل جزء من تفاصيلها، أن الهوية السعودية ليست موروثًا يُحتفى به فقط، بل هي مشروع مستمر يُعاد تشكيله بأيدي أبنائه، جيلًا بعد جيل.

 ويشكّل "الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية - بنان" في نسخته الثالثة، الذي تنظمه حاليًا هيئة التراث في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بمدينة الرياض محطة بارزة في مسيرة الحفاظ على التراث الحِرفي السعودي، إذ يحتضن المعرض الحِرفة التقليدية بوصفها قيمة ثقافية متجذّرة في وجدان المجتمع، وممتدة عبر الأجيال، تتجاوز وظيفتها النفعية لتصبح تعبيرًا فنيًا عن الهوية الوطنية وروح المكان.

 ويأتي تنظيم المعرض في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تمكين الحرفيين المحليين، وتوفير منصة دولية تتيح لهم عرض أعمالهم أمام جمهور واسع من المهتمين والمستثمرين، بما يسهم في تحويل منتجاتهم إلى عناصر فاعلة ضمن منظومة الصناعات الإبداعية في المملكة.

 ويُعد "بنان" فرصة إستراتيجية لربط الحِرفة التقليدية بمفاهيم الابتكار والتصميم المعاصر، بما يعزز قابليتها للتسويق والتصدير، ويمنحها بعدًا اقتصاديًا جديدًا.

 ويوفّر المعرض بيئة مثالية لبناء شراكات مستقبلية بين الحرفيين والجهات الداعمة، سواء من القطاعين العام أو الخاص، إلى جانب فتح آفاق التعاون مع مؤسسات التصميم والفنون، والمراكز الثقافية الدولية، مما يساهم في توسيع دائرة الاهتمام بالحِرف اليدوية بوصفها رافدًا ثقافيًا واقتصاديًا واعدًا.

 ويشهد المعرض مشاركة واسعة من حرفيين ومصممين ومبدعين من داخل المملكة وخارجها، ما يعزز التبادل الثقافي، ويتيح فرصًا للتعلّم والتطوير، ويؤكد مكانة المملكة كونها مركزًا إقليميًا يحتضن الإبداع الحِرفي، ويثمّن التراث بوصفه موردًا مستدامًا للتنمية.