
يُعدّ تحمل المسؤولية سمة إيجابية تدل على المبادرة والالتزام، إلا أن المبالغة في هذا السلوك، وتَصَوُّر البعض أنهم الوحيدون القادرون على اتخاذ القرار أو التواصل مع الإدارة العليا، قد يؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر سلبًا على روح الفريق وتماسكه، وربما يتحول هذا الحماس إلى عبء على الفريق يشل حركته ويفقده بوصلة الاتجاه.
من المشاهد المتكررة في أماكن العمل أن يتصرف أحد الموظفين وكأنه المعنيّ بكل صغيرة وكبيرة في المنظمة، حتى وإن لم تكن ضمن اختصاصه. يبدأ في ترديد عبارات مثل "المدير قال لي" أو "أنا/أنت المسؤول عن هذا"، ويحرص على التحدث في الهاتف أمام الآخرين بشكل مبالغ فيه لإبراز أهميته، ويرد على رسائل البريد الإلكتروني بأوقات متأخرة من الليل ليوحي للمسؤولين بانه طوال الليل يسهر مشغول البال بأحوال المنظمة وأهوالها، هذا النوع من السلوك قد يُفسَّر على أنه محاولة للظهور أو فرض للسيطرة، حتى وإن لم تكن النية كذلك.
ان التقليل من أدوار الآخرين عندما يُظهِر أحدهم نفسه على أنه المرجع الوحيد، واينشتاين المشاريع، يشعر الآخرون بأن مساهماتهم غير ذات قيمة مما يؤدي الى نتائج سلبية تعصف بالجميع داخل دوّامة من التساؤلات تبدأ وتنتهي بما هي مصلحة المنظمة من السكوت على ما يحدث؟ ولماذا لا تتخذ إجراء رادع يضع النقاط على الحروف؟!
ان التصرّف الخاطئ وكأن الشخص وحده يمتلك المعلومات أو العلاقة المباشرة مع الإدارة نابع من نقص في الذات، وجهل بالوسط المحيط، لمحاولة طمس تاريخ سابق، أو تحسين حاضر مؤلم، وتلميع مستقبل مظلم، لا شك انه يضعف من الثقة المتبادلة داخل الفريق، كما يضعف روح التعاون والعمل الجماعي ويتطلب من المدير المباشر توزيعًا متوازنًا للمهام والمسؤوليات، وأي خلل في هذا التوازن حتماً سيؤثر على الكفاءة العامة والأهداف الاستراتيجية متوسطة وطويلة الأمد.
ولمعالجة هذا السلوك السيء يتوجب على المسؤول التواصل المهني المباشر والتحدث مع الشخص المعني بأسلوب هادئ ومحترم، مع التركيز على ملاحظات واقعية دون إصدار أحكام.
كما يجب عليه التركيز على تعزيز ثقافة الفريق، بالتأكيد بشكل دائم على أن النجاح لا يتحقق من خلال الأفراد، بل من خلال العمل الجماعي والتعاون المشترك.
كذلك وضع أطر واضحة للمسؤوليات حسب الوصف الوظيفي، وتفعيل خطوط الاتصال الفعّال لتسهم في الحد من التداخلات غير الضرورية، وان تجاهلها قد يبدأ بتدخل استفزازي ثم يتحول فجأة الى سلوك عدواني غير محمود.
ان تحمّل المسؤولية فضيلة، ولكن ضمن حدود الدور الوظيفي ووفقًا لأطر العمل الجماعي، فالقائد الملهم هو من يساهم في رفع الآخرين، لا من يهمّشهم ليظهر كأنه جيفارا!
وأخيراً كن كالطود الشامخ، ولا تكن كالفأر الذي نخر وهدم سد مأرب، فكان سببًا في انهيار وضياع حضارة سبأ بأكملها!
✍🏼 علي بن عبد الله المالكي
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات