منذ يومين منوعات

في وداع ليلى الفقيهي يرحمها الله

في وداع ليلى الفقيهي يرحمها الله

✍🏼محمد الرياني

أيُّ ليلٍ هذا الذي أمسى بلا ريحانته الأصيلة ؟

وأيُّ مساءٍ هذا الذي باتَ بلا تضوُّعِ شجرةِ حنائه ؟

وأيُّ ترابٍ هذا الذي ضمَّ عبقًا تخضَّبَ بالخير ليكون جذرًا في الأرض؟

أيُّ روحٍ تلك التي ارتفعتْ لتحتضنها الآفاقُ البعيدة ؟

ماذا قالوا عنك ياليلى في غيابك عن الدنيا ؟

وما حكايةُ ليلى بنت ليلى أو ليلى بنت أبيها الفقيه ؟

هكذا غادرتْ دنيا الفناء إلى عالمِ البقاء أمُّ الخير وسليلةُ البذلِ والعطاء .

في عزائها كانوا يتحدثون عن صابرةٍ لبِستْ معطفَ الصبر لتقولَ للآخرين : إنَّ الحياةَ قصيرةٌ وليس لها إلا الزهدُ والتواضعُ والبذل ، وأنَّ السيرةَ لا بدَّ أن تكونَ سطورًا تتضوَّعُ مثلَ رياحين الديار التي تسكنُ على ضفافِ وادي خُلَب ، أو كرائحةِ ( الفاغي ) المنبعثِ من بين أوراقِ الحنَّاءِ التي تُلوِّنُ الأفراحَ على كفوفِ العفيفات .

هكذا تبدو تفاصيلُ الأيامِ بعد رحيلكِ يا أمًّا عزيزةً أرضعَتْ خصالَها الحميدة ، وتركتْ ظلالَها الوارفة ، وسكنَ اللاهثون مأواها العامر ، لقد تركتِ عبقًا فريدًا تشكَّلَ على الرائعين من بعدك ، رجالٌ ملأوا الحياةَ سعادة ، ونساءٌ فرشنَ الأرضَ مهدًا كي تكون الحياةُ ضربًا من نعيمٍ يقود إلى نعيم .

ليلى :

إلى التي غابتْ تحت الأرضِ ومَن هم فوق الأرضِ يذكرُون محاسنَها ويكتبُون للتاريخ عنها .

ليلى :

إلى التي تركتْ إرثًا لايقاس وخيرًا لايقدر ، ومالًا غيرَ المالِ الذي يُتصوَّر ؛ ها أنتِ الآن -جسدًا- تحت الأرض وقد فارقتْ روحُك الجسدَ لتصعدَ حيث تعلو الأرواح ، ستكون المرارةُ عند مَن تجرَّعَ فَقْدكِ مذاقًا حُلوًا من طعمِ مآثرك .

لتكنِ الأرضُ التي احتوتكِ طُهرًا يضمُّ طهارتك ، وليكنِ الترابُ مِسكًا خالدًا يضمُّ رفاتكِ .

 

نسأل الله لها الرحمة والمغفرة وأن يسكنها فسيح جناته

 

في رثاء : ليلى محمد حسين الفقيهي .

والدة الصديق الأديب الشاعر أحمد موسى الحامضي وإخوته