منوعات

رَجْفَة

رَجْفَة

✍🏼محمد الرياني

....وانتظرَ حتى جاءته ومدتْ إليه يدها لتصافحه ، كانت يداه ترتعشان وتتأرجحان لا تعرفان ماذا تصنعان ؟

ظنتْ أنه ما زال يسكن في جحيم أمس الذي تركتْه يتلظى فيه ، لم تكن تعلم أنه نسي الأمر بسرعة ، وأن القذائف الناعمة تمر من فوق رأسه ومن حوله فيستروحها ويتنفسها وردًا ، مضى بعض الوقت وهي تقف أمامه كي تشتعل يداه المتعبتان ، بالفعل فقد كانت على حق وهي تنتظر ، كان الوقت كفيلًا بأن يجلب الحرارة من وَقفتها أمامه ومن نظراتها ومن زفيرها القريب ، ابتسمتْ لما رأته يبتسم ، عرفتْ أنه بخير ، وأن ربيع اللقاء سيأتي بعد صيف ملتهب ذبلتْ معه المشاعر وكل ما يحيط بها .

مدَّ إليها يده ، استغرقتْ كفه بكفها وكلاهما يكتب كلامًا غير مرئي يترجمه كفاهما، وأن الحروف الجديدة لم تُكتشف من قبل ، نطقتْ باعتذار خافت ، قال لها : لا اعتذار بعد عناقِ كفين كان بينهما خصام ، غيرَ أن الخصام سرعان ما أورق وازدهرَ وأزهرَ مثل أوراق نبات بري زكي الرائحة ، وكأنها تشمُّ شذى وردَ البراري ، دعتْه للتصافح من جديد في حضنِ طبيعة خضراء ، أغلقا باب الدارِ وخرجا مثل طائريْ قَطَا رائعين ، لم يشعرا إلا وهما وسط عالمٍ مختلف وخضرةٍ وطيور ملونة وربيع حلَّ مكانَ الصيف وجنَّةٍ على الأرض ، قال لها : كل ذلك بسبب خصام يوم عابر وكفين امتنعتا ثم اجتمعتا .

قالت : دعك من كل هذا ؛ الآن نحن في دار بلا نوافذ أو أبواب ، كلُّ شيء هنا لا يسمح للحظاتِ الوجعِ أن تحضر .

رفع يديه أمامها وهو ينظر في راحتيه يقول لهما : لا ترتجفا بعد الآن .