منوعات

قُبْلةٌ هادئةٌ

قُبْلةٌ هادئةٌ

✍🏼محمد الرياني

 

بعد وعكةٍ صحيةٍ في الليل ، صحوتُ على صداع ، الشغفُ جعلني أحتفلُ مع الأصدقاءِ في الليل ، أبتسمُ ، أمنحُ ، أحيي ، أسلمُ ، أقابلُ وأودع ، كلُّ هذا في ثنايا الألم ، قطعتُ المسافةَ وحيدًا وأعمدةُ الإنارةِ ترسل بريقًا مؤلما ، ثلاثون دقيقة مرَّتْ من عمري وعمرِ الليلِ كي أصلَ إلى الوسادة ، وضعتُ إصبعي في فمي لأنزعَ الألم الذي يكادُ يفجِّرُ معدتي ، نجحَ اجتهادي وحُسنُ تقديري في فعل هذا ، شكرتُ اللهَ أنَّ إحساسي قادني للانتصارِ على شراسةِ الألم ، أغمضتُ عيني وأنا أضعُ رأسي على الوسادةِ وقد دهنتُ رأسي الذي حلقتُه مؤخرًا بالفيكس صديقي المفضل ، ارتياحٌ عمَّ أجزاء جسمي والسمومُ تخرجُ منقادةً دون اعتراض ، كان ليلًا مزعجًا معظمُه ألمٌ ثم أعقبَه أمل ، فتحتُ عيني وإذا الصباحُ تغردُ عصافيرُه على الشُّباكٍ القريب مني ، استلمَ الصداعُ الدورَ من ألمِ الليل ، لستُ على مايرام ولستُ على استعدادٍ لألمِ النهار ؛ هكذا أحدِّثُ نفسي ، أضفتُ المزيدَ من دهانِ الفيكس لتخفيفِ الألم ، ليس بمقدوري أن أضيفَ حرارةَ المُسكناتِ إلى معدةٍ لفظتْ سمومَها للتو ، لبستُ ملابسي وخرجتُ إلى الشارعِ لأرى الهدوءَ في الإجازة ، وأستمتعَ بحركةِ الشارعِ القريب ، أولُّ واحدٍ أقابله هو ( هادي ) ابن الحي وله من اسمه نصيب في الهدوء ، التقينا وهو يمشي إلى الشرقِ وأنا باتجاه الغربِ وكلُّ واحدٍ أخذَ مسارَ الآخر ، اقتربَ منِّي كي يطبعَ على رأسي قبلةَ الاحترامِ والصباح ، قلتُ له بهمسِ المُتعَب : رأسي فيه فيكس ! تركني ولم يُعقبْ على همسي أدبًا ، مضى بعضُ الوقتِ وأنا أسأل نفسي عن سرِّ هدوءٍ الصداع ، هل فعلتْ قبلةُ (هادي) فعلتَها وأسكتتِ الصداعَ في أولِّ النهار ، لا أعلمُ حقيقة ! وكلُّ الذي أعلمُه أن بعضَ السِّماتِ في الآخرين تمنحُ أوكسيرًا قد لا يوجد في وصفاتِ الطِّب ، كما أن بعضَ القبلاتِ البريئةِ تمنحُ روحًا رائعةً وإن طُبعتْ في قارعةِ الطريق .