
في عالم العمل، تمرّ علينا وجوه كثيرة، نتعامل معها يومًا بعد يوم، نعرف بعضها سطحًا، ونتعمّق مع القليل منها لنكتشف جوهرًا نادرًا يصعب تكراره، ولعلّك، يا زميلي العزيز، من أولئك القلائل الذين يتركون في النفس أثرًا لا يُمحى، وفي القلب مودةً لا تتبدد.
سنوات قضيناها معًا، لم تكن مجرد سنوات في تقويم الإدارة أو دفتر الدوام، بل كانت فصولًا من التعاون الحقيقي، والإخلاص النقي، والمواقف التي تُبقي للزمالة طعم الوفاء.. كنت فيها مثالًا للرجل الملتزم، الصادق، الحريص على أداء واجبه بإتقان دون تكلّف، والمُتمسك بقيمه مهما اشتدت الظروف أو تبدّلت الأحوال.
واليوم، لا أودعك، بل أحتفي بك في مناسبةٍ لها معناها ومكانتها... اليوم العالمي للموارد البشرية، ففي هذا اليوم، نسلط الضوء على أولئك الذين كانت أعمالهم تتجاوز مهامهم اليومية إلى بناء الإنسان، وتطوير بيئة العمل، وتحقيق المنفعة العامة.. وكنت أنت، بحق، أحد أولئك الذين أبدعوا في هذا المجال، وأسديت خدماتك بضمير حي، وإخلاص لا يُجارى.
فما قدمته طيلة سنوات خدمتك ولا تزال لم يكن مجرد جهد إداري، بل كان بصمة إنسانية تلامس حياة الزملاء وتترك أثرها في بيئة العمل ومحيطها، كنت ولا تزال قريبًا من الناس، داعمًا لهم، تفكر بما ينفعهم، وتحرص على أن تكون قراراتك ومواقفك مصدر عدل وإنصاف وارتقاء.
وإن غدرت بك الأيام، أو شعرت أن الأرض قد ضاقت بما رحبت، فاعلم أنك لست وحدك، فلك إخوة وزملاء سيكونون لك سندًا بعد الله، يدافعون عنك، ويشهدون على نزاهتك، وتفانيك، ومعدنك الأصيل.
أن ما بيننا من تقدير واحترام لا يحدّه مكان ولا زمان، لذلك تجرأت وكتبت لك هذه القصاصة كصحيفة تذكير وتحذير تجدها غداً عندما تغادر مكتبك، تكون فيها المتهم لا من أصدر الحكم، قد تكون صاحب الأوراق والقلم، ولكن حتماً لست أنت من شكل حروفها! في ظروفٍ أكثر أو أقل إنصافًا وعدلًا، ولا تعلم القاضي هل سيحكم بما يليق بأمثالك المخلصين أو سينسى تاريخك كاملاً لعدم كفاية الأدلة!
أترك لك دعائي الصادق، وتقديري العميق، وذكرى نقية لا تشوبها شائبة، كتلك التي كنتَ عليها دومًا.. تستحق الإشادة أيها النبيل... ففي يوم الموارد البشرية، نكرّمك لأنك كنت واحدًا ممن كرّموا هذا المجال بعملهم وعلمهم وإخلاصهم.
بقلم زميلك/ علي بن عبد الله المالكي
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات