
✍🏼محمد الرياني
في سقفِ الغرفة عدد من المصابيح أحدها لايضيء ، على الأرض سلة لرمي المخلفات لم يرمِ فيها أحدٌ شيئًا ، وبالقرب منها طاولة خشبية صغيرة مستديرة يفضلها كبار السن لصبِّ الشاي والقهوة عليها ، توجد أشياء أخرى متناثرة حول الطاولة ، الهدوء يعمُّ الغرفة فلا أنفاس محترقة تتنفس في الهواء والأجواء ، يضع رجلًا فوق أخرى بكل ارتياح على السرير ذي الغشاء الرمادي الناعم ؛ بينما ترفل إحدى رجليه على أختها وكأنها تماثله الشعور ، ينظر إلى أعلى ، يشفق على مصابيح بقيتْ تشتعل في وضح النهار وكأنها تخضع للعقاب حتى تحترق ، ثم يشفق على الآخر بلا ضوء وكأنه يعيش فترة حزن حتى اسودَّ دون إضاءة ، يمضي النهار بطيئًا والشمس تحرقه ، المروحة العتيقة التي تجاور المصابيح تتحرك ببطء وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة مودعة الجوامد التي تؤثر الصمت كعادتها ، تنتابه حالات من التذمر ، يتمنى النوم ليرى أحلامًا سعيدة ، لم يستطع فعل ذلك لأنه قادم من ليل كله نوم وأحلام وزفرات ، نهض واستوى جالسًا ، أخذ ورقة وقلمًا ليكتب أي شيء يزيل حالة الاكتئاب ، من سوء حظه أن القلم الذي وجده لا يكتب جيِّدًا والورقة مهترئة من كثرة الطيِّ ، رسم على الورقة غرفة بائسة بها مصابيح محترقة بدلًا عن واحد ، ورسم سلةً تمتلئ بالنفايات ، وطاولةً عليها إبريق شاي محترق من الخارج ، تنهدَ تنهيدة طويلة وألقى بالورقة على الأرض ، ركلَ سلة النفايات الفارغة ، نظر إلى الطاولة والإبريق وهو يمني النفس باحتساء الشاي الأحمر ، أغلق الباب ووضع الورقة التي رسم عليها في جيبه وخرج إلى الشارع ليرى السماء والضوء الذي يسطع تحتها ، زفر زفرة في الشارع ، شعر أن الشمس أحرقت زفيره الذي انطلق محترقًا ، جلس على الرصيف يطلب من السائرين أن يشاركوه حديث النهار ، لم يكن في المحلات المجاورة مظلات تقي من الشمس لابتياعها ومجالسته ، نظروا إليه بعين العطف ، عاد إلى غرفته ليكمل الرسم ، أضاف هذه المرة إلى رسمته مظلاتٍ مثقوبة بلا قوائم تحملها .
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات