منذ يومين المقالات

الآباء حب وعاطفة ومشاعر لا تنتهي. فهل أوفيناهم قدرهم؟

الآباء حب وعاطفة ومشاعر لا تنتهي. فهل أوفيناهم قدرهم؟

حديثي عن الأب حين يفرح بنجاح ابنه أو ابنته، ومثله التفوق بشهادة عالية أو مركز وظيفي أو ثقة من مسؤول كبير. تعبير طبيعي لا يُراد منه مال ولا مصالح شخصية.

 

الأب يفرح بنجاح أبنائه من منطلق حبه لهم، وهو حب طبيعي لا يشوبه شائبة. إنها الأبوة التي تريد السعادة لأبنائها وبناتها وهم يتقدمون مكانة ونجاحات علمية ووظيفية.

 

الأب لا يضيق ولا يمل من نجاحات أبنائه وبناته. تقول لولده وعلى مسمع منه: “إن شاء الله تكون أحسن من أبيك”، فيبتسم الأب وهو ينظر لولده فرِحًا مزهوًا بما يسمع، لا يغضب، بل يردد: “إن شاء الله”، وهو صادق في تطلعه وأمله أن يكون ولده أحسن منه في كل الأحوال.

 

حب الآباء وفرحتهم بنجاحات الأبناء في الدراسة والوظيفة أو التجارة وبناء العلاقات أمر شاهدناه تعبيرًا تلقائيًا، بل يدعون لهم بنجاحات أكثر وتميز أكبر.

 

أعجب من بعض الأبناء الذين لا يحسون بتلك المشاعر الأبوية، ولا يُشركون آباءهم في مشورة، أو يطلعونهم على نجاحات أو نيل شهادات دراسية بحجة أنه لا يضيف لهم شيئًا، ونسوا أن أباهم هو من يرقب خطواتهم وهم في بداياتهم، طالبين، ثم رجالًا يتقلدون مسؤوليات يخدمون من خلالها أمتهم ومجتمعهم.

 

كم هي فرحة الأب كبيرة وعظيمة وهو يرى ولده أو ابنته في وظيفة عالية وتخصص راقٍ، طبيبًا أو مهندسًا أو مسؤولًا كبيرًا، لا طمعًا في شيء يناله كمصلحة خاصة، لكنها الأبوة الحانية التي لا تتغير ولا تتبدل.

 

الأبناء – ولا أعمم – منهم من ينسى أن أباه وأمه هم سبب وجوده وأيضًا نجاحه، فلا يصلهم، وربما لا يزورهم، بل إن منهم من يغيب بالأيام عن والديه وهما في نفس المدينة، وإن زارهم لا يلبث أن يتململ، يريد الخروج، ويعتبر مجيئه إليهم تأدية واجب ليس إلا.

 

زيارة الوالدين ليست مجرد أداء واجب فقط، بل مشاركة في وجبة، وقضاء وقت من خلاله تدخل السرور وتنشر المحبة والبهجة عليهما. الآباء والأمهات ليسوا سلعة منتهية الصلاحية نتضايق منهم أو نمل من مجالستهم واستشارتهم والبقاء معهم. أذكر كاتبة أثارت زوبعة بمقال كتبته حول المتقاعدين، ترى في رواتبهم خسارة وتحميلًا لخزينة الدولة! ما أدري بأي منطق تتحدث، وأي مشاعر تحمل في قلبها تجاه هؤلاء الآباء والأمهات؟

 

مجتمعنا العربي والإسلامي فيه الخير والبركة، وهذا لا ينفي وجود عقوق مثل البعد عن الوالدين أو عدم زيارتهما، أو التخلص منهما في مصحة أو دار رعاية، أو الخروج من المنزل وترك الأبوين أو أحدهما وحيدًا في البيت يقاسي صعوبة الحياة. ويظن هذا العاق أن دخله المادي لنفسه فقط ولزوجته وأولاده، وينسى والديه. الأمثلة كثيرة، أذكر منها: والدًا يدعو على أولاده الأربعة في مقابلة إعلامية بالشقاء والفناء وسوء الحال لأنهم تركوه ولم يبروا به أو يعيروه اهتمامًا كما كان يرجو ويحلم، وامرأة مسنة تستنجد بجيرانها بعد أن هجرها ولدها بعد أن استقل في منزل مع زوجته وأولاده. والله يقول:

 

“وبالوالدين إحسانًا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما، وقل لهما قولًا كريمًا، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا.”

 

✍🏼عبدالله عبدالرحمن الغيهب