في الطرق المزدحمة، حيث تتشابك المركبات في سباق يومي للوصول إلى وجهاتها، تظهر بعض السلوكيات التي تعكس سوء فهم للأولوية المرورية. من بين هذه السلوكيات، قيام بعض السائقين بالسماح لمركبات أخرى بالدخول أمامهم من طرق فرعية دون النظر إلى المركبات التي تسير خلفهم. هذا التصرف، الذي يبدو في ظاهره مجاملة، يتحول إلى عائق يعطل الحركة المرورية، ويتسبب في ارتباك قد يضر بمصالح واحتياجات الآخرين.
فالأولوية المرورية ليست أمرًا متروكًا للمزاج الشخصي أو لحظات الكرم العشوائي، بل هي حق للسائقين الذين يسيرون في الطريق الرئيسي وفقًا للنظام. عندما يتوقف أحد السائقين فجأة ليسمح لمركبة أخرى بالدخول، فهو لا يؤثر فقط على تدفق حركة السير، بل يعرّض المركبات التي خلفه لمخاطر الفرملة المفاجئة، وقد يسبب تأخيرًا غير مبرر لمن لديهم ظروف طارئة أو التزامات حساسة في الوقت.
بالإضافة إلى أن استمرار مثل هذه المجاملات العشوائية خلق لدى بعض قائدي المركبات قناعة خاطئة بأن الأولوية دائمًا لمن يسقط أو يدخل بالمسار، حتى لو لم يكن له حق في ذلك. بل إن البعض يذهب أبعد من ذلك، فإذا لم تسمح له بالدخول احترامًا للنظام والمركبات خلفك، فإنه قد ينظر إليك بازدراء، أو يلجأ إلى تصرفات عدوانية مثل اللحاق بك، أو تضييق الطريق عليك، أو حتى مضايقتك عمدًا وكأنك أنت المخطئ لمجرد أنك مارست حقك في السير وفق النظام.
القيادة ليست مجرد تحريك مركبة، بل هي التزام بنظام يضمن للجميع حقهم في الوصول بسلام ودون تعطيل. إذا كان السائق في مزاج جيد ويريد ممارسة كرم القيادة، فمن الأفضل أن يتوقف على جانب الطريق حتى لا يتسبب في إرباك من خلفه. أما أن يوقف حركة المرور فجأة ليسمح لمركبة أخرى بالمرور، فهو بذلك يفرض قراره الشخصي على الآخرين دون أن يدرك تبعاته.
الوعي المروري الحقيقي يعني احترام القواعد والنظر إلى الطريق كمنظومة متكاملة لا تحتمل العشوائية. الالتزام بالنظام ليس فقط التزامًا بالقانون، بل هو احترام لوقت الآخرين وسلامتهم. فالقيادة مسؤولية قبل أن تكون مجاملة، والانسيابية المرورية لا يجب أن تخضع لأهواء السائقين، بل لقواعد واضحة تضمن وصول الجميع دون تأخير أو إزعاج.
✍🏼بقلم الكاتب أحمد الخبراني
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات