المقالات

هل تركع إيران أم يتم تركيعها؟!؟

هل تركع إيران أم يتم تركيعها؟!؟

✍🏼 ملهي شراحيلي

تتعالى الأصوات من هنا وهناك، في المعركة الإعلامية التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية بالتوازي مع المفاوضات الأمريكية الإيرانية.

فبعد أن أوعزت لطواقهما غير الأساسية في سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في أربيل والعراق والكويت والبحرين، بحجة الحفاظ على سلامتهم، عادت للحديث عن المفاوضات التي سوف تجري يوم الأحد القادم في مسقط، بعد جولات تفاوضية لم تحقق أي نتائج لأي من الطرفين. 

لكن هذه المرة تفاوض الولايات المتحدة الأمريكية ويدها على الزناد، بعد أن ألمح ترامب، إلى تدخل إسرائيلي ليس في سير المفاوضات وإنما من خلال توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. 

وما كانت إسرائيل لتكذّب ترامب، بل لم يكن أمامها سوى التعزيز له، وأنها بالفعل أنهت استعداداتها لشن هجوم على إيران. 

وكما قرعت وسائل الإعلام الإسرائيلية طبول الحرب، فإن الإعلام الأمريكي كعادته دائماً يردد الرواية الإسرائيلية.

وتناقلت وسائل إعلام أميركية وعالمية وعربية خلال اليومين الماضيين أخبار الضربة الإسرائيلية المرتقبة لإيران!!!.

 

في موازاة ذلك، رفعت إيران من لهجتها تجاه واشنطن، ملوّحة باستهداف القواعد الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط في حال اندلاع مواجهة عسكرية. 

وأكد وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده، أن "جميع القواعد الأميركية في مرمى النيران الإيرانية"، مشيراً إلى أن بلاده "لا تتردد في الرد إذا اضطرت إلى ذلك".

 

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:

لماذا تلوّح واشنطن بالحل العسكري، سواءً كان عن طريقها مباشرة أو عن طريق إسرائيل؟!؟

لاسيما وأنها تتحدث عن جولة جديدة من المفاوضات يوم الأحد القادم بسلطنة عمُان!!.

والأهم من هذا:

ماهي السيناريوهات المحتملة خلال المرحلة القادمة؟!؟

وماهي الخيارات المتاحة لإيران؟!؟

 

لقد أعلنها ترامب، مراراً وتكراراً أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. 

ومع أن إيران أعلنت مراراً وتكراراً أنها لاتسعى لامتلاك سلاح نووي!!، لكنها في كل مرة تعرقل أو تمنع المفتشين الأممين من الوصول بحرية إلى منشآتها النووية!!.

وفي آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت الوكالة أنها لاتستطيع الجزم بسلمية برنامج إيران النووي، مما دعى طهران لاتهام الوكالة بانحيازها السياسي. 

 

إذن ومما سبق فإن إيران أمام خيارين، أما أن تركع أو يتم تركيعها بالقوة.

 

فأما أن تسمح للوكالة الدولية بالوصول إلى جميع المرافق النووية وتفكيكها. 

طبعاً مقابل حوافز مالية تشجيعية من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة، ورفع العقوبات الأمريكية عنها.

أو الخيار الثاني، وهو ضرب تلك المواقع وتفكيكها عسكرياً.

ويبدو أن إيران ترغب في الخيار الثاني، مع أنها تدرك عواقب ذلك، ولكن لكي تحفظ ماء وجهها، فإنها لاتمانع من ضرب مواقعها النووية!!

لكن هل تكتفي الولايات المتحدة الأمريكية بضرب بعض المواقع؟!؟

هل تقبل إسرائيل بضربة رمزية لبعض المواقع النووية الإيرانية؟!؟

 

إن الوصول إلى المنشآت النووية يستعدي بالضرورة تدمير القدرات الدفاعية والهجومية للقوات المسلحة الإيرانية.

والذي لم تحسب حسابه إيران، إذا ماوافقت على ضرب بعض المواقع، فإن تفكيك برنامجها النووي، يستدعي بالضرورة تدمير كافة منشآتها العسكرية وربما حتى مقدراتها وممتلكاتها المدنية، مما يعني تشجيع المعارضة الإيراني على الانقلاب وتغيير نظام الولاية في إيران.

 

إن المحصلة النهائية من تحليل كل الاحتمالات للأزمة الأمريكية الإيرانية، نتيجتها الحتمية تركيع نظام الملالي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

أما فيما يخص جولة المفاوضات المزمع عقدها يوم الأحد القادم في مسقط، فنتيجتها معروفة سلفاً، وهي رفض إيران المطلق للمقترح الأمريكي، القاضي بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بطريقة سلمية وعن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لاسيما إذا ما أخذنا في الإعتبار تصريحات الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، والتي أكد فيها : "أن بلاده لن ترضخ للإملاءات الخارجية، مجدداً رفضه التخلي عن القدرات النووية، ومعتبراً أن أعداء إيران يسعون لزرع الفتنة لشنّ هجوم عليها."

 

لقد حاول نظام الملالي الإيراني، لعقود أن يماطل ويراوغ ويلعب على المتناقضات، تارةً من خلال المفاوضات، وتارةً أخرى من خلال افتعال المشكلات ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل وفي العالم، ولكن هذه المرة ليس أمامه إلا أن يركع، ليس للولايات المتحدة الأمريكية، ولا لإسرائيل وإنما للنظام الدولي، وإلا فإن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على تركيعه، وتجريده من سلاحه النووي.

وإذا كان النظام الإيراني يعتقد أن التهديدات الأمريكية والاسرائيلية، ليست سوى ورقة ضغط لابرام إتفاق معه، فهو محق، هي فعلاً ورقة ضغط لتركيعه طوعاً، وإلا فإن سلاحه النووي وبرنامجه الصاروخي، وكافة المنشآت العسكرية الإيرانية سوف يتم قصفها، ولن يستطيع الرد، لأنه ببساطة لن تتاح له الفرصة للرد أصلاً.

لقد سئم الغرب قبل الشرق من مماطلات إيران ومفاوضاته، كما سئم الشعب الإيراني من ظلم الملالي، وعنجهيته.

وكما قال الشاعر العراقي، أبو المحاسن الكربلائي:

وهذه إيران قد فاضت دماً

بالظالم الماضي شبا حسامه

في كل صبح ومساء نكبة

يشكو بها العصر إلى إمامه

إن أبرموا عهد الصفاء نقضوا

عهد الصفاء بعد ما إبرامه

إذ أتتك ذمة من خائن

فارقب وشيك الغدر من ذمامه.

MelhiSharahili@gmail.com