الثقافية

ساعةٌ ذهبية

ساعةٌ ذهبية

✍🏼محمد الرياني

  تعمدتْ بكبرياء أن تمارسَ غرورًا كامنًا أعرفُه فيها ، وضعتُ كفِّي فاصلًا بيننا على الجزءِ الأيمنِ من وجهي كي لا أرى تصرُّفَها ، أو كي تعرفَ قيمتها ، وفي كلِّ مرةٍ كنتُ أرى من خلالِ فواصلِ المساحاتِ الضيقةِ بين أصابعِ يدي بعضَ ممارساتِها ، ظلتْ تعبثُ بجهازها النقالِ أحيانًا وبساعتِها الذهبيةِ القديمةِ التي أعرفها منذ عرفتُ كبرياءها ، اقتربتِ السهرةُ من نهايتها وقد عجزتُ وأنا أضع يدي فاصلًا بين بساطتي وغرورِها المعهود ، بالفعل جعلتُ المساحةَ بيننا مفتوحةً لتتنفسَ الصعداءَ وقد تركتُ لليلِ فرصةً كي تعيدَ ترتيبَ أوراقِها ، سمعتُ حشرجاتِ أنفاسِها وهي تتردد ، وأذنتُ للصراعِ الذي يحدثُ داخلَها كي يهدمَ الجسرَ الذي بنتْه بنفسها ، انتهتِ السهرةُ وكأني لم أرَ فعلَها أو أعرفَ نواياها ، قابلتُ في أعقابِ السهرةِ خلقًا كثيرين يقفون أمامَ مقاعدِهم منتشين من جمالِ السهرة ، اعترضوني يسلَّمون عليَّ ؛ فكثيرٌ منهم يعرفونني أو أعرفهم لم ألتقهم منذ زمن ، دارتْ من خلفهم ثم وقفتْ وهي ترفعُ يدها كي أرى وميضَ ساعتِها الذهبيةِ الأنيقة ؛ غيرَ أني لم أكترثْ ونظرتُ إلى الأرضِ كي أرى قدميَّ جيدًا ، أردتُ أن أذكِّرَها أنني أحبُّ النظرَ إلى الأرض ، رفعتْ رأسَها في كبرياء وكأنها تقول إنها لاتزال تسكن برجَها العاجي ، كانت الحفلةُ رائعةً جدًّا والسهرةُ أروع ، هناك ساعاتٌ ذهبيةٌ لمعتْ في فضاءِ السهرةِ غيرَ أنَّ معاصمَها تحبُّ أن تلوِّحَ كأجنحةِ الفراشات .