✍🏼محمد الرياني
....وكأنني أرى الحلمَ الأبيضَ يَمْثُلُ أمامي ، حدَثَ الحلمُ في الليلِ وحدثتِ الحقيقةُ في الأصيل ، رأيتُ المكانَ مُدثرًا بالبياض ؛ الستائر ' المسرح ' السقف' اللباس ' حتى الذين ملأوا المكانَ كانوا بيضًا وكأنهم جاءوا من بلادِ الثلج ، قبلَ أن أنام كنتُ أرى كلَّ شيءٍ قاتمًا لاحراكَ في الحياةِ من حولي ، حضرَ اللونُ الرماديُّ ليكونَ سيِّدَ المشهدِ وحضرَ الوجومُ ليدفنَ الفرحةَ ، طارتِ العصافيرُ المنتشرةُ على سياجِ الدارِ والشبابيكِ وحتى التي تصطفُّ على حبلِ الغسيلِ وحضر النعيقُ الأسود ، وفي النومِ جاءتْ حياةٌ أخرى تشبهُ حياةَ السعداء ، لم أخطط للهربِ من تلقاءِ نفسي ، هناك نفسٌ رائعةٌ تاقتْ إليها نفسي ، زرتُ مريضًا بلا موعد ، بدأتُ أبتسمُ من جديد ، رأيتُ بعضَ أشكالِ الستائرِ التي رأيتُها في المنام ، جلتُ ببصري في الممراتِ البيضِ الناصعة ، كانتِ المعاطفُ تغطي معظمَ الذين أقابلهم ، بدأتُ أستعيدُ بعضَ تفاصيلِ الحلم ، تمنيتُ أن أرى العصافيرَ البيضَ ، اتجهتُ إلى المدخلِ الرئيسِ ولكنني تهتُ في الممرات ، لم أعد أعرفُ الجهاتِ ولا عكسها ، لم يكن في الممرِّ الذي أسيرُ فيه عندَ الضياعِ غيرَ صاحبةِ معطفٍ أنيق ، طلبتُ منها المساعدةَ وأني تائهٌ أضعتُ معالمَ الطريق ، لم تبخل عني بالجواب ، ولم يكن يبعد عني البابُ غيرَ ثوانٍ معدودة ، فتحتُ البابَ في مهبِّ الريحِ ، نظرتُ إلى السماءِ من فوقي مستمعًا للطيورِ الهاربةِ مثلي من ذرِّ الغبار والأعاصير ، كانت بيضًا رائعةً مثلَ نقاءِ قلبي ومثلَ لونِ صاحبةِ معطفٍ أنارتْ طريقي ، قلتُ في نفسي : لقد تحقَّقَ بعضُ حلمي ، رأيتَ كلَّ النقاءَ الذي في الحلم ، كان ينقصني أن أطوفَ في الحقيقةِ كما الحلم .
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات