الثقافية

الكروية والتسطح بين الأخذ والرد

الكروية والتسطح بين الأخذ والرد

✍️ عثمان أحمد مروعي

ولد الجدل حول كروية الأرض وتسطحها في الأوساط منذ اعتلاء الخليفة المأمون سدة الحكم في أوائل القرن الأول الهجري عندما إستقطب المترجمين لترجمة كتب الفلاسفة الإغريق واليونان وكان ذلك في مكتبة بيت الحكمة في حاضرة الخلافة العباسية التي كانت ملاذ الأدباء والمفكرين من كافة الأطياف والأجناس وكان من ضمنها نظريات علماء الفلك اليونان القدماء والذين اعتقد البعض منهم بأن الأرض كروية الشكل بينما قد سبقهم من العلماء من رأى أن الأرض أقرب ما تكون الى التسطح وشاركهم بإعتقادهم هذا بعض الشعوب الإسكندنافية والألمانية كما أن ذلك كان إعتقادا يسود معظم البلدان في تلك الحقبة من الزمن كما أنه سادت إعتقادات أخرى والبعض طرح افكارا ونظريات قلبت الموازيين والمعادلات لدى معتقدي تسطح الأرض أمثال فيثاغورث والعالم جاليليو والكثير من العلماء في تلك الأزمنة السحيقة ماقبل الميلاد إمتدادا إلى القرن السابع من الميلاد وامتد هذا الجدل إلى يومنا هذا حول ما اذا كانت الأرض كروية أم مسطحة .!

جدل أُخذ على نطاق واسع بين شرائح المجتمعات العربية والغربية والشرقية والشرق أوسطية لاسيما في ظل التطور الكبير الذي شهده العالم في بداية القرن الواحد والعشرين في التقنية والتكنولوجيا في شتى المجالات .

يتسائل البعض ممن يعتقدون بتسطح الأرض أنه لايوجد نص صريح بالذكر الحكيم ينص على أن الأرض تأخذ شكل الكرة مستدلينَ على ذلك بآيات قرآنية لا تقبل التأويل ولا التعديل ولا الظن والاحتمال ذكر شكل الأرض الجوهري في القرآن الكريم في مواضع عدة كقوله عزوجل ( وإلى الأرض كيف سطحت) وقوله ( والأرض بعد ذلك دحاها ) وكذلك قوله عزوجل 

( والله جعل لكم الأرض بساطا) والكثير من الآيات . كما يستدل أصحاب نظرية الأرض المسطحة ويطرحون أسئلةً تبدو إلى حدٍ كبير منطقية فيقول أحدهم : 

تعلمنا منذ الصغر أن الأرض كروية الشكل وتصغر الشمس بمراحل ضوئية وأرقام فلكية بينما ينافي ذلك نصوص القرآن الكريم الصريحة فكيف تكون الشمس أكبر من أرضٍ عظمها الله عزوجل وقرنَ عظمتها في أكثر من موضع بالقرآن بعظمة السموات قدراً وتعظيماً ومقياساً وجعلها مقياساً للجنة وهي أعظم مخلوقات الله كما قال الله تعالي : 

( وجنةٍ عرضها السموات والأرض) وكذلك قوله عزوجل :

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ" )[الأنعام: 1]

وقال تعالى: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء)" [هود: 7]

وهذا تسائل منطقي من ناحية العقل والمنطق و الدين ومن ضمن التساؤلات المطروحة من قبل أصحاب هذه النظرية التي اخذت تأخذ وقعاً كبيرا في قوله عزوجل: 

في آيات الكرسي ( وَسِعَ كُرسيِهُ السموات والأرض ) سورة البقرة. يقول أحدهم كيف تكون بهذه الحجم مقابل الشمس والكواكب الأخرى والله يجعلها مقياساً للعرش مقرونة مع السموات في ذلك.

 وهنا وقفة تستحق التوقف والتأمل والتدبر فالله عزوجل عظيمٌ كبيرٌ .

كما ينكر أصحاب نظرية الأرض تصنيف الأرض ككوكب من ضمن الكواكب فعلى ذلك لم تنص آية واحدة إنما نصت الآيات على أن الكواكب من ضمن الزينة التي خص الله بها الأرض في قوله : 

( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ۝ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ۝ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الأعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ۝ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ۝ إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) [سورة الصافات:6-10].

كما تنكر الآيات دوران الأرض حول الشمس أو حول نفسها فجل جميع تلك التساؤلات والتفكر والتدبر يطرحها أصحاب تلك النظرية من واقع القرآن الكريم ويقول البعض اننا نقوم بتفسير العلم الحديث من واقع القرآن وليس العكس .

ولا يخفى أنه في الجانب الآخر أيضا لأصحاب نظرية كروية الأرض أرآء وأستدلالات من القرآن الكريم ومن واقع نظريات العلماء والفرضيات التي قامت على أسسها قناعاتهم بما يعتقدون

ويظل ذلك في علم الله فلم يثبت هؤلاء يقينا تسطح الأرض ولم يثبت هؤلاء يقينا ان الأرض كروية الشكل فالخالق خلق ولم يشرك في خلقه أحدا.

والإختلاف يقينا لا يفسد للود قضية .