الثقافية

محمود زكري ... معهد الدراسة ومعهد الحياة 

محمود زكري ... معهد الدراسة ومعهد الحياة 

✍🏼محمد الرياني

كانت لنا قلوب بيضاء يامحمود ، كنا نرفرف كالعصافير وقلوبنا داخل أقفاصنا الصغيرة ترفرف معنا ، نملأ بطوننا الصغيرة من فلافل عبدالقادر ثم نطفئ حرارة كُراتِ الطعام القاتمة الصغيرة بالشرب من خزان الماء المجاور ، نفتح الصنبور والشمس من فوقنا تراقب مشهدنا فلا الحر يزعجنا ولا طعم الماء الفاتر يعكر مزاجنا ، نتجه بطانًا كالعصافير نحو حجرة الدرس ، نهبط على مقاعدنا الصغيرة التي تشبه هياكلنا وأمامنا سبورة مستطيلة تتضوع برائحة الطباشير وعطر المعلم ونحن في سعادة غامرة ، تدور من فوقنا مراوح السقف وقد جاءت جاءت بنسيم البحر القريب عبر الشبابيك الواسعة التي لم يفصلها عنا فاصل ، نتبادل المزاح البريء عبر لحظات الصمت أو حصص الانتظار ، جئنا من قرى متناثرة نحمل معنا ريح أهلنا البسطاء وأنفاس قرانا التي تشرب من السماء ومن الجبال القريبة ومن الأودية الخضراء ، كبرنا يامحمود وكانت أمنياتنا أن نكبر من أجل أن نحمل طبشورة ودفتر تحضير ونضع في جيوبنا أقلامًا حمراء كي نعيش أبهة التعليم ، كبرنا وكبرت قلوبنا ، بنى على هياكلنا لحم العمر فلم نعد كما العصافير نتلذذ بماء خزان الصفيح وطعمية عبدالقادر وساندويتش بضاوي ، طاف بنا العمر وتجمعت سنوات الحياة فوق بعضها وفي قاع عيوننا تسكن الذكريات ، كبرنا يازميل الدراسة ونحن نجتر الذكريات والحصص وأوقات اللهو في ملعب المعهد ، سنبقى كالعصافير البريئة ، ولابد للأجنحة أن ترفرف على الرغم من الألم ، وعلى العيون أن تهلَّ فرحًا من فرط البهجة في خريف العمر ، كان لنا معهد يامحمود طفنا في رياضِهِ كأسراب الطيور البيضاء المنتشية بالربيع ، كبرنا ولايزال خريفنا ربيعًا ونحن نطوف في رياض الحياة وحولنا عصافيرنا التي ولدت ترفرف حولنا لتصرف عنا آلام الذكريات .....

ألف ألف سلامة يا زميل الدراسة محمود زكري وجمع لك بين الأجر والعافية