✍🏼محمد الرياني
عندما أسندتُ ظهري على السرير ؛ لم أسنده كاملًا ، اكتفيتُ بالجزءِ الأعلى في وضعٍ يشبه الزاويةَ القائمة ، شعرتُ بالارتياح بينما أخذ رأسي وضعًا فريدًا ، لم ترَ عيناي بقيةَ جسدي ، ظلتا متسمرتين تنظران إلى الدولابِ المقابلِ وأشياءَ أخرى في الغرفةِ مبعثرةً مثل زهور يبستْ على رأس عروس وتفرقتْ على أنقاضِ السهرة ، أحسستُ أن شفتيَّ جافتان وكأنهما تشتكيان العطشَ مثلَ عينِ ماءٍ نضبتْ منذ سنين ، احترقَ السؤالُ في مسدِّ الشفتين مع أن الشعورَ بالعطش لم يكن حاضرًا ، ظللتُ في حضرةِ الجفاف أنظرُ في الأشياءِ المتناثرة حولي وأفركُ عينيَّ خوفًا عليهما من الجفاف ، فزعتُ من أن يصيبَ بصري ما أصاب شفتي ، لستُ على استعدادٍ في هذا النهار المتصحر أن يكون الصيفُ قد غزا فمي ليعلن حالةَ الجفافِ وأن تكتفي عيناي بالنظر إلى الأشياءِ أمامها دون أن تهمي من شدة الجفاف ، ظللتُ أجولُ بنظري في محتوياتِ الغرفةِ لأستعيدَ الذكريات وتاريخ جلْبِ هذه الأشياء ، فجأةً أحسستُ بأن ريقي المحبوس في قناته قد بدأ في فكِّ الحصارِ ودفعِ المحابس ، شعرتُ بطاقةٍ عجيبة ، ارتسمتْ صورتُها أمامي دون مقدمات ، أغفلتُ النظر إلى الأشياءِ في الغرفة ، عيناي أرسلتْ بعضَ دمعها من فرطِ سعادتها ، أسأل نفسي ! هل نحن في نهاية فصل الصيف ؟ أم أنها مرحلةُ تحوُّلٍ نضبَ فيها فمي من التعبيرِ عن مشاعره ، تأكدتُ من خلال الشباكِ القريبِ أن الصيفَ في طريقه للمغادرة ، وأن سحابةَ الجوِّ اللطيف قادمةٌ لتقتحمَ غرفتي ، فتحتُ الشباك كاملًا ، امتلأ فمي بالرطوبة ، اغرورقتْ عيناي وكأنهما تشاهدان كلَّ مواسمِ العام ، تخيلتُ أنها تجلس إلى جواري وهي تمسحُ بمنديلها حُمرةَ وجهي وتحجبُ بكفها عن عينيَّ فوضى الغرفة ، أعدتُ وضْعَ جسدي بشكلٍ أفقي على السرير وهي لاتزال تجلس بجانبي تمسحُ وجنتيْها هذه المرة كي لا أرى دموعَ فرحِها .
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات