الثقافية

صحة المرأة النفسية والعقلية في ميزان (جودة الحياة)

صحة المرأة النفسية والعقلية في ميزان (جودة الحياة)

كنانة دحلان✍️

 

حظيت المرأة السعودية باهتمام ورعاية القيادة الحكيمة التي منحتها سبل التمكين بحِزَم من القرارات التاريخية، لتشكل نقلة نوعية وغير مسبوقة عزَّزت من دورها في مختلف الميادين، فأضحت شريكاً فاعلاً في نهضة الوطن ونمائه، وحققت نجاحات نوعية تباينت مجالاتها علمياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً .

 ومع هذه التحولات في مسيرة تمكين المرأة السعودية في الحقوق والعمل والمجتمع، وتشجيع مشاركتها الكاملة، وتنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعها واقتصاد بلادها، فقد سُنَّت التشريعات والقواعد الخاصة بحمايتها، كذلك تم منحها الحقوق الكاملة التي كفلها القانون.

من هنا، فقد جاءت التشريعات في الأنظمة واللوائح المرتبطة بالمرأة لتؤكد أهمية دورها في دعم الاقتصاد الوطني والخطط التنموية الشاملة، والإسهام في رفع تنافسية المملكة إقليمياً وعالمياً مما جعلها محط أنظار العالم، ولتسجل المرأة السعودية قصة نجاح استثنائية في مسيرتها العلمية والعملية والحقوقية وتصبح شريكاً في بناء الوطن .

وقد تعزَّز ذلك الدورُ الفاعل للمرأة السعودية من خلال إطلاق برنامج جودة الحياة كواحد من برامج تحقيق الرؤية التنموية، الذي يُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز من أنماط الحياة الإيجابية وتزيد من مشاركة المواطن والمقيم في مختلف الأنشطة والبرامج المجتمعية. حيث شجع هذا البرنامج على الابتكار في مشاريع الجودة وتوظيف الشغف والهوايات، وارتبط بصلاتٍ وثيقة بقطاعات مختلفة كالصحة والرياضة والتعليم والاقتصاد والتخطيط الحضري وأنسنة المدن، كما ارتبط بعدد من القطاعات الثقافية والرياضية والترفيهية التي تمثل أحد منتجات هذا البرنامج.

ولأن المرأة ركن أصيل من أركان البناء التنموي، فقد أضحى الحديث عن صحة النساء النفسية والذهنية من أولويات التحديات العالمية، لذا جاءت استجابة المملكة سريعة باستحداث برنامج متكامل لصحة المرأة يتماشى مع رؤية 2030 في رفع (جودة الحياة) عبر تبني سياسات صحية واجتماعية تعزز من مكانة المرأة من خلال الارتقاء بالخدمات الصحية وتحسين قيمتها المضافة بمؤشر أداء صحي يقيس أثر تلك الخدمات على صحة المرأة وعطائها.

وكان مما يثلج الصدر إعلان صندوق الاستثمارات العامة بالأمس عن إطلاق شركة (كياني) برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، لتعزيز نمط الحياة الصحية بالمملكة من خلال إطلاق حزمة من الخدمات التي تتضمن اللياقة البدنية والملابس الرياضية والعناية الشخصية والعلاجية، والتغذية والتشخيص، والأكل الصحي، والتثقيف الصحي، حيث تهدف الشركة الى التركيز على كل ما يخص المرأة في مختلف خدماتها وبشكل خاص (الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية)، مستهدفة الوصول الى مليون مستفيدة من أجل المساهمة في استحداث مجتمع حيوي وتحسين جودة الحياة تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأمام هذه المعادلة التنموية وهذا الزخم الذي حظيت به المرأة السعودية، يجدر بنا القول: إن حقوق المرأة الصحية هي جزء لا يتجزأ من المشاريع التي تحقق أهداف التنمية المستدامة، والتي برز من بينها الهدف الثالث المتعلق بالصحة والرفاه، لذا لم نستغرب تلك المبادرات التي قدمتها وزارة الصحة ومجلس الضمان الصحي لتقديم خدمات طبية خاصة بالمرأة.

ولعلنا نقترح هنا إدراج برنامج فرعي ضمن برنامج صحة المرأة مخصص للمرأة العاملة، مع برنامج آخر لنشر التمكين الصحي وحقوق المرأة الصحية في جميع الأعمار وإدراجه ضمن مناهج التعليم بما يحقق التوازن بين حياة المرأة العملية والصحية.

كما أن من الأهمية بمكانٍ العملَ على تطوير مراكز أبحاث متعلقة بصحة المرأة، وإيجاد قاعدة بيانات شاملة تغطي كافة جوانب صحة المرأة من أجل الاعتماد عليها في بناء استراتيجية وطنية لمواجهة المشاكل الصحية ووضع مؤشرات أداء لصحة المرأة لتحقيقها ضمن رؤية 2030.

ونرى أيضاً أهمية توسع قطاع التكنولوجيا الصحية في التطبيقات الصحية النسائية على الهواتف المحمولة لمراقبة الحالة الصحية للمرأة وتحسين الرفاهية العامة، وإنشاء حلول تفاعلية صحية، من قبيل تطبيق IMC Women,s Health . 

كما ينبغي أن ندرك أن المرأة تمر بالعديد من التغيرات خلال مراحلها العمرية والتي تؤثر على صحتها خاصة ما تمر به من ضغوط نفسية واضطرابات متنوعة، وهو الأمر الذي يستدعي زيادة جرعات التثقيف الصحي لها وتوعيتها بالأنماط الحياتية الصحية وطرق تعزيز التواصل الإيجابي المستمر مع الآخرين واكتساب مهارات حياتية داعمة كتعلّم الهوايات وتقدير الذات وإدارة الوقت ومواجهة الضغوط المختلفة.

إن الصحة النفسية والعقلية والجسدية للمرأة تمثل محوراً رئيساً للتفاعل مع الأنماط المعيشية الإيجابية التي تعزز جودة الحياة، وتساهم في تحقيق التحول الوطني، لذا فإن الأمر يستدعي تكامل كافة الجهود الرسمية والأهلية، وتكريس الجهود المجتمعية لتعزيز هذه المفاهيم حتى تترسخ في الوعي المجتمعي وتصبح ثقافة متأصلة في الذاكرة الجَمعية، ولتكون سنداً للمرأة السعودية في رحلة البناء التنموي، نجسد من خلاله ما نصت عليه رؤية المملكة التي جاء فيها: "المرأة السعودية تعد عنصراً مهماً من عناصر قوة المملكة، وسنستمر في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا".

*مدير مكتب (إيدلمان) للعلاقات العامة- الرياض