
تمر الأيام وتمضي السنين ، لكن بعض الذكريات تبقى محفورة في القلب، ترفض أن تُمحى أو تُستبدل. ومن بين تلك الذكريات، تحتل المدرسة السابقة لأبنائي مكانة خاصة لا يمكن تجاهلها، فقد تركت في نفوسهم بصمةً لا تزول، وحنينًا لا يهدأ.
منذ أن غادر أبنائي أروقة تلك المدرسة، وهم يذكرونها بكل حبٍ وامتنان. يشتاقون إلى صباحاتها المليئة بالحيوية، إلى جرسها الذي يعلن بداية يوم مليء بالعلم والمعرفة، إلى زملائهم الذين شكلوا معهم صداقات بريئة، وأهم من كل ذلك، يشتاقون إلى معلميهم وإدارتهم الذين كانوا بحق قدوةً يُحتذى بها.
لم تكن المدرسة بالنسبة لهم مجرد مكان لتلقي الدروس، بل كانت بيتًا ثانياً، احتضنهم بكل حبٍ واهتمام. كانت الإدارة مثالاً في الحكمة والرحمة والانضباط. قيادة تربوية واعية، لم تقتصر على تسيير شؤون المدرسة فحسب، بل غُرِست فيها القيم والمبادئ في نفوس أبنائنا، فتعلموا منها الالتزام والاحترام والعمل بروح الفريق.
أما المعلمون والمعلمات، فقد كانوا شموعًا تضيء دروب العلم، وأيادي حانية تمسك بأيدي الطلاب برفقٍ وإصرار. لم يدخروا جهدًا في إيصال المعلومة، ولا توانوا يومًا عن احتضان طلابهم بكل رحمة وصدق. كانوا أكثر من معلمين، كانوا أصدقاء وأهلًا ومصدر إلهام.
إن اشتياق أبنائي لمدرستهم السابقة ليس مجرد حنين عابر، بل هو انعكاس صادق لتجربة تعليمية وإنسانية متميزة، لم تُنسهم إياها مدارسهم الجديدة مهما حاولت أن تقدم الأفضل. فهناك شيء لا يُقاس بالمرافق الحديثة أو الأنشطة المتنوعة، إنه الجو الروحي الدافئ الذي صنعته إدارة حكيمة، وكادر تعليمي مخلص.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أقول شكرًا من القلب لكل من ساهم في بناء تلك التجربة الثمينة، التي ستظل فخرًا وذكرى عزيزة في ذاكرة أبنائي. فأنتم لا تُنسون، لأنكم زرعتم في قلوبنا المحبة، وفي عقول أبنائنا النور .
✍🏼سلطان الشايقي - الرياض
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات