
على غرار العديد من المصطلحات التي اقتحمت المعجم العربي في ظل الثورة الرقمية وآثار العولمة، نجد مصطلح أتمتة المشتق من "أتوماتيك" الذي يعني تطبيق الآلات على اختلافها لبعض المهام، وعلى ذات النهج، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرضه المسمى مَكْنَنَة: "أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي" المقام في مقر المركز بالدرعية في الرياض، ويستمرّ حتى شهر يوليو، إذ يشمل المعرض 70 عملًا فنيًا لما يقارب 40 فنانًا عربيًا، في الوقت الذي يستوحى فيه مصطلح "مَكْنَنَة" من عملية دمج الآلة "ماكنة" في الحياة وفي هذا الموضع في العمل الفني، مثيراً التساؤلات حول العلاقة الوثيقة بين الفن والتقنية.
كما يساهم المعرض في استكشاف تاريخ فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي وكيفية تفاعل الفنانين مع التقنية عبر مختلف الحقب الزمنية منذ انطلاق التقنيات الرقمية المتعددة وتطورها ويوضح استقلالية العمل الفني عن السياقات التقليدية، إضافة إلى تأثير التقنية على الهوية والذاكرة، كذلك، إلقاء الضوء على جماليات الأخطاء الرقمية، الجدير بالذكر أن المعرض يتناول ملفات وقضايا بارزة من أهمها: حفظ التراث، وبناء عوالم افتراضية، وإبراز المعالم الإنسانية والجغرافية المحيطة، وغيرها الكثير، في هذا الصدد، لفتني عملين فنيين للفنان المصري شادي النشوقاتي، الذي استند فيهما إلى الثنائية الوصفية، والتضاد في المشاعر، بمعنى أن المشاعر الظاهرة على السطح كالدموع تعبيرًا عن الحزن قد لا تتوافق وتتماشى مع الشعور الداخلي الكامن في الإنسان، والعكس صحيح، وعن الأسباب والدوافع التي جعلته يشرع في البدء في أعماله الفنية، فلقد أكد أنها مستقاه من المعاناة والصدمات العنيفة التي اعترضته خلال حياته من مرض وغربة ونكبات وأزمات وطلاق ثم ابتعاد عن فلذة كبده، إذ شكل العمل "تلعثم" سيرة حياة وتاريخ مصور بالصورة واللغة وماوراء الحرف والقصة، بالطبع إن ماسمعت أصابني بالحزن الشديد ودفعني لاستكشاف المزيد من خارطته الشخصية التي تم بنائها خلال 3سنوات إلا أن أجمل مافي الموضوع أنني لمحت "دبلة" خاتم زواج في بنصر الفنان مما يدل على البدايات الجديدة بمعزل عن الماضي وآلامه الآنفة وتفعيل مبدأ العلاج بالفن، ختامًا، يقدم هذا المعرض فرصةً لفهم تطور الفن الرقمي العربي وارتباطه بالتحولات الاجتماعية والسياسية، مع تسليط الضوء على إسهامات الفنانين العرب في تشكيل هوية رقمية خاصة بالبقعة الجغرافية المعنية وإحلالها للعالم أجمع.
"الفن شكل من أشكال العلاج"
✍🏼سهوب بغدادي
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات