
في عام ١٩٢٣، قبل عام من وفاة الكاتب فرانز كافكا، كان يتجول في إحدى حدائق برلين، عندما صادف طفلةً صغيرةً علت ملامحها الحزن وتذرف الدموع بسبب فقدها لدميتها المحببة، إذ استوقف الكاتب هذا المشهد، وأخبرها أن الدمية ليست ضائعة، بل سافرت في رحلة حول العالم، وأنه سيزودها بعدد من الرسائل من دميتها، حيث كتب كافكا سلسلة من الرسائل على لسان الدمية وبات يحكيها للطفلة البريئة التي بدت متحمسةً للمغامرات الشيقة وصولات وجولات تلك الدمية عبر زيارتها لمدن ومناطق عديدة، ولقاءها بأشخاص كثر، بعد أسابيع على ذات المنوال، قدم كافكا للطفلة دمية، إلا أن الطفلة لاحظت التغير في شكل دميتها وأشارت إلى ذلك الفارق، فقال لها كافكا إنها تغيرت بسبب أسفارها، و الآن هي سعيدة بذلك التغيير والحياة الجديدة، مما جعل الطفلة تتقبل الموضوع بسلام، بعد فترة توفي كافكا ومرت السنون وكبرت تلك الطفلة لتجد رسالة بداخل الدمية من كافكا ورد فيها "كل شيء تحبه سيضيع على الأغلب، لكن في النهاية سيعود ذلك الحب بطريقة أخرى"، من خلال القصة، نستشف العمق الإنساني للتلطف والرأفة والتعاطف مع الأطفال والغير على حد سواء، والأهم أن كل ماتقدمه من حب قد لاينعكس وتراه لحظيًا، إلا أنه سيعود لك ويثمر ويزهر في موضع ما أو من موضع آخر، وقس على ذلك من صنائع المعروف والخير وغيرها من الخصال والأوصاف والمشاعر التي يبذلها الشخص ويظن أنها ذهبت أدراج الرياح، إلا أنها على الدوام ستعود على هيئة مختلفة، قد يكون العوض الإلهي، الذي لايضاهيه شيء، مصداقًا لقوله جل جلاله: (مَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا)، جعلنا الله من أهل الخير والنفع.
✍🏼سهوب بغدادي
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات