في عصر الصحافة الرقمية، أتاح الانتشار الواسع للصحف الإلكترونية فرصًا كبيرة أمام الكُتّاب والمحررين للتعبير عن أفكارهم والوصول إلى جمهور متنوع. ومع ذلك، نشأ تساؤل مهم يتعلق بتأثير نشر الكاتب في عدة صحف على مكانته المهنية وبروز اسمه في عالم الصحافة.

ويتجه بعض الصحفيين إلى النشر في عدة صحف إلكترونية بهدف تحقيق انتشار واسع والوصول إلى شريحة أكبر من القراء. يُعتبر هذا الخيار إيجابيًا من نواحٍ عديدة؛ إذ يتيح للكاتب فرصة استعراض مهاراته أمام جمهور متنوع، كما يعزز من قدرته على تناول موضوعات مختلفة ومواكبة توجهات كل صحيفة.

ومع ذلك، فإن لهذا النهج تحديات، أبرزها أن الكاتب قد يفقد هويته المميزة في حال عدم ارتباط اسمه بمنصة صحفية واحدة. فالانتشار على منصات متعددة قد يؤدي إلى تشتت القارئ، وبالتالي ضعف الانطباع بوجود “علامة مميزة” للكاتب، وهو ما يقلل من فرص بروز اسمه وسط مجتمع الصحفيين “المنجمين” الذين يرتبطون بصحف محددة ويُعرفون من خلالها.

من جهة أخرى، يختار بعض الكُتّاب التركيز على النشر في صحيفة معينة، وهو خيار يحمل فوائد كبيرة. فمن خلال هذا التوجه، يتمكن الكاتب من بناء هوية مميزة ترتبط باسمه وتُعرف لدى جمهور الصحيفة. كما يتيح له هذا الالتزام فرصة تعميق علاقته مع إدارة التحرير والجمهور، مما يعزز من مكانته المهنية ويدعم تطوره الصحفي.

لكن هذا الخيار قد يحمل بعض القيود. فالتحديد بمنصة واحدة قد يُحدّ من فرص الكاتب في الوصول إلى جمهور أوسع أو التعبير عن آرائه بحرية في حال وجود سياسة تحريرية صارمة لدى الصحيفة.

إذا قورنت الفوائد والسلبيات لكل من النهجين، نجد أن النشر في عدة صحف يحقق انتشارًا أوسع لكنه قد يضعف العلامة الشخصية للكاتب، بينما يمنح التخصص في صحيفة واحدة فرصة أكبر لبناء الاسم وتحقيق التميز، لكنه قد يحد من تنوع التجربة وانتشارها.

في النهاية، يعتمد اختيار النهج الأنسب على أهداف الكاتب وتطلعاته المهنية. فالتعاون مع عدة صحف قد يناسب الكُتّاب الذين يسعون إلى التنوع والانتشار، بينما يناسب التخصص في صحيفة معينة من يرغب في بناء اسم مميز ومكانة مستقرة في عالم الصحافة. يبقى التوازن بين النهجين هو المفتاح لتحقيق النجاح والشهرة مع الحفاظ على هوية الكاتب المميزة.

دمتم بود ،،،

✍🏼بقلم الكاتب أحمد الخبراني