✍🏼 ملهي شراحيلي
بعد أن أدى اليمين الدستورية، تقلّد اليوم دونالد ترامب، منصبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية فى حفل تنصيب داخل مبنى الكونجرس فى العاصمة واشنطن، ويعد الرئيس الـ47 للبلاد، وأكبر رئيس لأمريكا.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطاب تنصيبه: إن العصر الذهبي للولايات المتحدة بدأ الآن، وأن زمن الانحدار انتهى.
وأضاف ترامب : أن "سيادتنا سوف تستعاد، وستكون أمريكا قوية ومحترمة...
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الاثنين “إن الولايات المتحدة ستسترد قناة بنما”، لكنه لم يخض في تفاصيل خلال خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد بعد أن أدى اليمين.
وأضاف “جرى انتهاك غرض اتفاقنا وروح معاهدتنا تماما”.
وتابع ترامب، إنه سيفرض تعريفات جمركية وضرائب على الدول لإثراء الأمريكيين، ووعد بإصلاح نظام التجارة، وقال إن الولايات المتحدة ستنشئ “خدمة للإيرادات الخارجية”.
وأوضح في خطاب تنصيبه “ننشئ خدمة الإيرادات الخارجية لجمع جميع التعريفات الجمركية والرسوم والإيرادات. ستكون مبالغ هائلة من المال تتدفق إلى خزانتنا، قادمة من مصدر أجنبي”.
وقال إنه سيعلن على الفور حالة طوارئ وطنية في قطاع الطاقة، ووعد ببناء الاحتياطيات الاستراتيجية وتصدير الطاقة إلى أرجاء العالم.
وأضاف ترامب في خطاب تنصيبه بعد أن أدى اليمين رئيسا للولايات المتحدة “سنصبح أمة غنية مرة أخرى، وهذا الذهب السائل تحت أقدامنا سيساعدنا على تحقيق ذلك”.
وتابع إنه سيعلن الهجرة غير القانونية حالة طوارئ وطنية، ويرسل قوات إلى الحدود الأمريكية المكسيكية ويعيد سياسة “البقاء في المكسيك” كجزء من حملة شاملة على الهجرة.
وأضاف ترامب، أيضا أنه سيسعى إلى وقف جميع عمليات الدخول غير القانونية واحتجاز جميع المهاجرين الذين يتم القبض عليهم وهم يعبرون بشكل غير قانوني.
من هذا الخطاب المقتضب لفخامته نستطيع أن نستشف أهم القضايا التي سوف تنغمس فيها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأربع سنوات القادمة، لاسيما إذا ما أضفنا لخطاب التتصيب بعض الوعود الانتخابية التي وعد بها ترامب، ناخبيه والعالم في رحلته للوصول للبيت الأبيض، ولعل أهمها ما أكده مراراً وتكراراً عن جزيرة جرينلاند، وإنهاء الحرب في أوكرانيا...
حيث سبق وقال أنه يعتزم شراء جزيرة غرينلاند، وإنهاء الحرب في أوكرانيا، وإجراء تعديلات جذرية على العلاقة بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وفي الأسابيع القليلة الماضية، هدد ترامب، بإعادة السيطرة الأميركية على قناة بنما، وفرض رسوم جمركية بواقع 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك، إذا لم يُطبقا قيوداً على تدفق المخدرات والمهاجرين إلى الولايات المتحدة.
وفيما يلي نظرة على مقترحات تعهَّد ترمب، بتطبيقها في السياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال فترة رئاسته:
«الناتو» وأوكرانيا والحلفاء الأوروبيون
قال ترامب إن الولايات المتحدة في عهده ستعيد النظر بشكل جذري في «مهمة (الناتو) والغرض من تأسيسه».
وتعهد بمطالبة أوروبا بتعويض الولايات المتحدة عن ذخائر أُرسلت إلى كييف، تقدر قيمتها «بما يقرب من 200 مليار دولار»، كما لم يُبدِ نية لإرسال مزيد من المساعدات إلى أوكرانيا.
وخفَّض ترامب التمويل الدفاعي للحلف خلال الشهور الأخيرة من ولايته الأولى، واشتكى مراراً من أن الولايات المتحدة تدفع أكثر من حصتها العادلة.
وفي الأسابيع القليلة الماضية أيضاً، قال إنه يتعين على الدول الأعضاء في الحلف إنفاق ما يعادل 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو أعلى بكثير من الهدف الحالي البالغ اثنين في المائة.
وفيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، قال ترامب خلال حملته الانتخابية العام الماضي، إنه سيُنهي الصراع حتى قبل تنصيبه!!، ولكن منذ فوزه بالرئاسة لم يكرر الرئيس المنتخب ذلك التعهد، ويقر مستشاروه حالياً بأن التوصل إلى اتفاق سلام قد يستغرق عدة شهور.
وأشار ترامب إلى أن كييف قد تُضطر إلى التنازل عن بعض الأراضي للتوصل إلى اتفاق سلام، وهو موقف يدعمه مستشاروه الرئيسيون.
ورغم أن ترامب، لا يملك خطة واضحة لوقف الحرب في أوكرانيا، لكن معظم مساعديه الرئيسيين يميلون إلى عدم دعم مساعي كييف للانضمام إلى الحلف في إطار أي اتفاق للسلام، على الأقل في المستقبل المنظور. ويدعمون بشكل عام تجميد خطوط المواجهة عند وضعها الحالي.
وأشار ترامب في أوائل أبريل (نيسان) إلى أنه سيكون منفتحاً على إرسال مساعدات إضافية إلى أوكرانيا في صورة قروض، إلا أنه لم يُعلِّق على هذا الأمر بالتزامن مع مفاوضات شائكة بالكونغرس الأميركي في وقت لاحق من ذلك الشهر، بشأن حزمة مساعدات بقيمة 61 مليار دولار.
ضم أراضٍ جديدة
قال ترامب في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي إنه يعتزم شراء غرينلاند، وهي فكرة طرحها لفترة وجيزة خلال ولايته الأولى من 2017 إلى 2021. وردَّت الدنمارك على تعليقات الرئيس المنتخب قائلة إن أراضيها الخارجية ليست للبيع.
ولكن ذلك لم يُثن ترامب، عن خطته للاستحواذ على أكبر جزيرة في العالم، إذ رفض في مؤتمر صحافي في يناير استبعاد احتمال غزو غرينلاند، واصفاً الجزيرة بأنها ذات أهمية كبيرة فيما يتعلق بمصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة.
وهدد ترمب أيضاً في الأسابيع القليلة الماضية، بإعادة فرض سيطرة الولايات المتحدة على قناة بنما، وحَمَّل بنما المسؤولية بسبب ما وصفها برسوم مرتفعة على السفن التي تمر عبر طريق الشحن الرئيسي.
وتحدث ترامب أيضاً عن تحويل كندا إلى ولاية أميركية، لكن مستشاريه وصفوا في مناسبات غير رسمية تعليقاته بشأن الجارة الشمالية للولايات المتحدة بأنها غير جادة، ولا تمثل طموحاً جيوسياسياً حقيقياً.
الصين وتايوان والتجارة
يهدد ترمب بشكل متكرر بفرض رسوم جمركية كبيرة، أو قيود تجارية على الصين، وكذلك على كثير من الحلفاء المقربين.
ومن شأن قانون ترامب، المقترح للتبادل التجاري أن يمنحه سلطة تقديرية واسعة لزيادة الرسوم الجمركية، رداً على البلدان التي يَثبُت أنها وضعت حواجز تجارية خاصة بها. كما طرح فرض رسوم جمركية عالمية تعادل 10 في المائة، والتي يمكن أن تعرقل التجارة الدولية، إضافة إلى رسوم جمركية بواقع 60 في المائة على الأقل على الصين.
ودعا ترامب إلى إنهاء وضع «الدولة الأَولى بالرعاية» في التجارة الخارجية مع الصين، وهو تصنيف يهدف عموماً إلى تذليل العقبات التجارية بين الدول. وتعهد بسن «قيود جديدة مشددة على الملكية الصينية لأي بنية تحتية حيوية في الولايات المتحدة». ويدعو الموقع الرسمي للحزب الجمهوري إلى حظر الملكية الصينية للعقارات في الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بتايوان، أعلن ترمب أنه يتعين عليها أن تدفع مقابل الحماية الأميركية، لأنها -حسب تعبيره- لا تعطي الولايات المتحدة أي شيء، بينما تستحوذ على «ما يقرب من 100 في المائة من صناعة الرقائق لدينا». وذكر مراراً أن الصين لن تجرؤ أبداً على غزو تايوان خلال رئاسته.
المكسيك وكندا وتجارة المخدرات
قال ترامب إنه سيفرض رسوماً جمركية تعادل 25 في المائة على المكسيك وكندا، إذا لم يوقفا تدفق المخدرات والمهاجرين إلى الولايات المتحدة.
وسعى زعماء المكسيك وكندا إلى إثبات جديتهم في مواجهة الهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات، لكن خطط ترمب الفعلية بشأن الرسوم الجمركية على البلدين لم تتضح بعد.
وقال ترامب إنه سيصنِّف عصابات المخدرات الموجودة في المكسيك منظمات إرهابية أجنبية، وسيوجه وزارة الدفاع الأميركية «بالاستخدام المناسب للقوات الخاصة» لمهاجمة قيادات العصابات وبنيتها التحتية، وهو إجراء من غير المرجح أن يحظى بموافقة الحكومة المكسيكية.
الصراع في الشرق الأوسط
عمل مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن كثب، جنباً إلى جنب مع المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن في وقت سابق من يناير بين إسرائيل وحركة «حماس». وقالت مصادر قريبة من المحادثات إنه مارس ضغوطاً كبيرة على الجانبين للتوصل إلى اتفاق.
وبعد انتقاده للقيادة الإسرائيلية في الأيام التي أعقبت هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قال ترامب لاحقاً إنه لا بد من «سحق» تلك الحركة المسلحة.
وقال ترامب في وقت سابق إن «أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها» في الشرق الأوسط، إذا لم تتوصل إسرائيل و«حماس» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يؤدي إلى عودة الرهائن المحتجزين لدى الجماعة الفلسطينية في قطاع غزة قبل توليه منصبه.
إيران
أشار مستشارو ترامب إلى أن إدارته ستعود إلى اتباع سياسة أقصى درجات الضغط التي انتهجها الرئيس المنتخب خلال ولايته الأولى.
وسعت تلك السياسة إلى استخدام عقوبات قوية لخنق الاقتصاد الإيراني، وإجبار طهران على التفاوض على اتفاقية تحد من برامجها المتعلقة بالأسلحة النووية والباليستية.
ولم تخفف إدارة بايدن بشكل ملموس العقوبات التي فرضها ترامب، ولكن هناك جدلاً حول مدى فاعلية تطبيقها.
السياسات المتعلقة بالمناخ
تعهد ترامب مراراً بالانسحاب من اتفاقية باريس، وهي اتفاقية دولية تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وقد انسحب منها بالفعل في أثناء ولايته الأولى؛ لكن الولايات المتحدة أعادت الانضمام إلى الاتفاقية في عهد بايدن في 2021
الدفاع الصاروخي
تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ببناء حائط دفاع صاروخي متطور حول الولايات المتحدة. ولم يتطرق ترامب إلى التفاصيل، لكنه قال إن سلاح الفضاء (وهو فرع عسكري تأسس خلال إدارته الأولى) سيلعب دوراً رائداً في تلك العملية.
ويُشار إلى المشروع على موقع الحزب الجمهوري باسم «القبة الحديدية»، وهو الاسم نفسه الذي يحمله أحد أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي الإسرائيلية.
هذه الملفات وغيرها مما يمكن لترامب، أن يثيرها بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وخلال فترة ولايته الرئاسية للأربع سنوات القادمة تجعلنا نتساءل:
ماذا بعد تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؟!؟
ومما لاشك فيه أن الجواب باين من عنوانه، كما يقول المثل.
وإذا كان ترامب، قد رسم الخطوط العريضة للولايات المتحدة الأمريكية، في خطاب تنصيبه، فإن الفترة القادمة تحمل الكثير من المفاجآت للشعب الأمريكي، وللعالم بأسره، لاسيما وأن العالم ينظر لأمريكا وينتظر منها الكثير، كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماع مع أعضاء مجلس الأمن الروسي:
إن روسيا تهنئ الرئيس الأميركي المنتخب ترامب، بتوليه منصبه ومنفتحة على الحوار بشأن الصراع في أوكرانيا، مضيفاً:
أن الكثير يعتمد اليوم على الولايات المتحدة بما في ذلك أزمة أوكرانيا.
أما الصين فيرى العديد من الصينيين حين يُسألون عن رأيهم في عودة دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض أنهم لا ينتظرون الكثير من ولايته الثانية معتبرين أن "الخلافات لا يمكن تفاديها" في وقت تدخل العلاقات الثنائية عهداً جديداً من الضبابية.
وخلاصة القول: أن العالم بمافيه الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة القادمة، على أعتاب عهد جديد، تتغير فيه الكثير من موازين القوى، وتتبدل فيه الأدوار، وتختفي منه بعض خرائط الدول، ناهيك عن الخروج من معاهدات قديمة وتحالفات، والدخول في مرحلة جديدة من الصراعات والتكتلات، مع مايصاحبها من قوانين جديدة، وأنظمة لم يعرفها العالم من قبل، سواءً في النواحي السياسية والاقتصادية أو حتى الاجتماعية والتقنية، لاسيما إذا أخذنا في الإعتبار التوجه العالمي نحو العملات المشفرة، والحروب الإلكترونية، خاصةً وأن فريق ترامب، هذه المرة مطعّم بعدد من أثرياء العالم وأباطرة التكنولوجيا، وعلى رأسهم الملياردير إيلون ماسك.
ولا يخفى على القارئ الكريم، أن مايعلن في وسائل الإعلام، ليس سوى جزء من ألف جزء مما يدار في أروقة السياسة ودهاليز الدبلوماسية.
وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه:
أَغمِّضُ عَيني في أُمورٍ كَثيرَةٍ
وَإِنّي عَلى تَركِ الغُموضِ قَديرُ
وَما مِن عَمى أُغضي وَلَكِن لَرُبَما
تَغامى وَأَغضى المَرءُ وَهُوَ بَصيرُ
وَأَسكُتُ عَن أَشياءَ لَو شِئتُ قُلتُها
وَلَيسَ عَلَينا في المَقالِ أَميرُ
أَصبِّرُ نَفسي بِاِجتِهادي وَطاقَتي
وَإِنّي بِأَخلاقِ الجَميعِ خَبيرُ.
MelhiSharahili@gmail.com
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات