✍🏼 ملهي شراحيلي
اشتعلت المعارك في سوريا مجدداً بهجوم فصائل مسلحة على القوات الحكومية شمال غربي البلاد، لتبدأ مرحلة جديدة تحمل تحولاً جذرياً في الصراع الذي بدأ قبل 13 عاماً.
وتشير تقارير إعلامية عربية وأجنبية إلى أن هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة أخرى متحالفة معها دخلت مدينة حلب، بعد قتال استمر لأكثر من 48 ساعة وسقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين والمدنيين.
ولعل أهم ما يميز هذه الجولة من المعارك تسلح الفصائل بتقنيات جديدة، ساهمت في تحقيق تقدم سريع و"حاسم"، وصولا إلى مدينة حلب، في ظل تقهقر الفصائل الإيرانية وفصائل حزب الله المنتشرة في سوريا، بالإضافة إلى إحجام القوات الروسية عن التصدي لتلك الفصائل مما سمح لها بالتقدم نحو حلب، والسيطرة عليها.
وتناقلت وكالات الأنباء ومواقع التواصل الإجتماعي مشاهد بثها الثوار تثبت هروب الفصائل الإيرانية والقضاء على بعضها.
وفي الحقيقة أن مايحدث في سوريا، يأتي امتداد للحرب الإسرائيلية اللبنانية، رغم إعلان وقف القتال هناك، بعد أن فرضت إسرائيل شروطها على الحزب والحكومة اللبنانية، رغم إعلان نعيم قاسم، أن الحزب حقق نصراً عظيماً، أعظم من إنتصار ٢٠٠٦!!!
ولا أعلم عن أي نصراً يتحدث نعيم قاسم!!!.
في ظل ٥٠٠٠ آلاف قتيل بما فيهم حسن نصر الله والصف الأول من قادة الحزب، وعشرات الآلاف من المصابين والنازحين، وتدمير جنوب لبنان بالكامل، وإجبار الحزب والحكومة اللبنانية على الموافقة على شروط إسرائيل، وبإشراف الولايات المتحدة الأمريكية على التنفيذ.
فأين هو ذلك النصر العظيم الذي يتحدث عنه أمين عام حزب الله!!!!
إن مايجري في سوريا هزيمة أخرى لحزب الله، وكسر شوكته هناك من خلال طرد الفصائل التي زرعها الهالك حسن نصر الله، برعاية إيران.
ولا يخفى على القارئ الكريم، وخاصة المتابع للأحداث، أن المعارك في سوريا مشتعلة منذ العام ٢٠١١م، بين النظام السوري المدعوم من إيران وحزب الله وروسيا، والمعارضة السورية، التي لجأت لتركيا والغرب، ولكن مايجري الآن في سوريا، وما جرى خلال الأيام الماضية ليس سوى انعكاس للأحداث الناتجة عن الحرب الإسرائيلية في فلسطين ولبنان، وخاصة بعد تدمير حزب الله الإرهابي، مما أغرى تلك الفصائل بشن هجومها الذي يراه البعض مباغتاً وفجائياً، مع أنه جاء بعد أشهر من الإعداد والتجهيز لهذه اللحظة، لاسيما بعد الهزيمة النكراء التي لحقت بحزب الله والقوات الإيرانية المنتشرة في لبنان وسوريا.
يتواجد في شمال سوريا، عدد من الفصائل المسلحة، وإن كان أكثرها ظهوراً :
- الأكراد أو مايسمّى بقوات "قسد" وهي مدعومة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وهذا الفصيل مستهدف من قبل تركيا.
- الجيش الوطني السوري، الخليف الشرعي للجيش السوري الحر، وهذا الفصيل تتحكم فيه تركيا.
- هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وهذا الفصيل مدعوم من تركيا أيضاً، ولديه علاقات مع أمريكا.
ويتواجد في شمال سوريا بالإضافة إلى هذه الفصائل(المعارضة) فصائل أخرى وجيوش لإيران وحزب الله إضافة إلى القوات السورية التي تتبع لبشار الأسد، كما تتواجد قواعد عسكرية لأمريكا وروسيا، مما يجعل المشهد معقداً، مما يعني أن المعارك الحاصلة الآن في حلب هي في الأساس فشل سياسي لمسار استانة للحل السياسي في سوريا، بين الدول التي تتحكم في تلك الفصائل بما فيهم الدول التي تدعم بشار الأسد.
بعبارة أخرى:
أن مايجري الآن خلاف سياسي إيراني روسي تركي غربي، نتيجة السقوط المدوي لحزب الله، وانحسار المد الإيراني، مما سمح للفصائل المسلحة بالتحرك عسكريا على الأرض، فعلى مدى أكثر من شهر، قبل انعقاد الجولة الـ22 لمسار آستانة للحل السياسي في سوريا في 11 و12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كثفت «تحرير الشام» من استعداداتها لعملية عسكرية تستهدف توسيع سيطرتها التي تقتصر على شريط جبلي بالقرب في إدلب من حدود تركيا إلى محافظة حلب.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:
هل تتوقف المعارك في حلب، أم أن دمش هي الوجهة النهائية؟!؟
من وجهة نظري الشخصية أن الفصائل المسلحة التي يصفها بشار الأسد، بالأرهابية، لن تتوقف إلا في دمشق، خاصة بعد طرد ميليشيات حزب الله والقوات الإيرانية، وحياد روسيا في هذه المرحلة، وفي أسوء الأحوال وبغض النظر عن التدخلات الخارجية في كبح جماح المعارضة السورية، إلا أن الأيام والأسابيع القادمة سوف تشهد وصول المعارضة السورية المسلحة لدمشق، سواءً عن طريق إسقاط بشار الأسد، وحكومته، أو على الأقل من خلال اتفاق شامل يسمح لهم بالوصول للسلطة.
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات