المقالات

من قتل حسن نصر الله؟!؟

من قتل حسن نصر الله؟!؟

✍🏼 ملهي شراحيلي

روايات كثيرة وقصص مثيرة تناقلتها وكالات الأنباء، ووسائل الإعلام، عمّن يقف وراء مقتل أمين عام حزب الله اللبناني، وذراع إيران في لبنان، الهالك حسن نصر الله، ولكن الرواية الحقيقة التي لم يتطرق إليها أحد لحد الآن، وهي الأقرب للواقع، إن لم تكن هي الواقع بالفعل، ما سوف تكتشفه أخي القارئ الكريم، في هذا المقال. 

ولكن قبل أن أخبرك بالرواية الحقيقية عن المتسبب في مقتل حسن نصر الله، إليك هذه القصة، وهي من القصص الشعبية. 

يُحكى أن شيخاً حكيماً كان يمشي في السوق، فرآه أحد السفهاء وكان ذا مال، فقال لغلامٍ له : لك كذا وكذا ( أي من المال) إن كشفت عن عورة ذلك الشيخ في السوق!!.

فانطلق الغلام خلف الشيخ الحكيم، حتى إذا ما اقترب منه، رفع إزاره فانكشفت سوءته.!!!.

فما كان من الشيخ إلا أن أسرع برد إزاره، وأمسك بيد الغلام. 

وسأله: ما حملك على ما فعلت؟!؟

فكاد الغلام أن يُغمى عليه من الخوف، وأخبر الشيخ بأن سيده أعطاه كذا وكذا مقابل هذه الفعلة.

فابتسم الشيخ الحكيم، وأخرج سرّة من الدراهم فيها ضعف ما أعطاه سيده!!.

وهمس في أذن ذلك الغلام الأحمق قائلاً :

خذ هذه الدراهم وافعل بسيدك مافعلت بي.

فانطلق الغلام فرحاً مسروراً نحو سيده، الذي كان يراقب المشهد من بعيد!!، وما إن وصل أسرع إلى إزار سيده فخلعه عنه، فإذا هو عريان.

فما كان من سيده إلا أن سلّ سيفه وغرزه في صدر الغلام، فسقط صريعاً.

 

ومثل هذه القصة الشعبية، جاء في كتاب حلم معاوية، لابن أبي الدنيا. قال قومٌ من قريشٍ: ما نظن معاوية أغضبه شيءٌ قط. قال بعضهم: بلى، إن ذُكرت أمه غضب، فقال مالك بن أسماء المُنى' القرشي - وهي أمه، وإنما قيل لها: المُنى، من جمالها-: والله لأغضبنه إن جعلتم لي جُعلاً. فأتاه، وقد حضر معاوية، ذلك العام الموسم، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أشبه عينيك بعيني أمك. قال: تلك عينان طالما أعجبتا أبا سفيان، يا أبن أخي، انظر ما أُعطيت من الجعل، فخذه ولا تتخذنا متجراً. فرجع الغلام، فأخذ جعله؛ فقال له رجلٌ منهم: لك ضعفا جعلك إن أتيت عمرو بن الزبير، فشبهته بأمه، فأتاه، فقال: يا ابن الزبير، ما أشبه وجهك بوجه أمك. فأمر به، فضُرب حتى مات.

فبعث معاوية، بديته إلى أمه، وقال:

أَلاَ قُلْ لأسْمَاءِ المُنَى أُمّ مالكٍ

فإنّي لَعَمْرُ اللهِ أَهْلَكْتُ مالِكا.

 

 

أنا على يقين أن القارئ الكريم، أذكى من أن ينتظر شرحي للقصتين، ولا أشك مطلقاً في صحة استنباطه، وسلامة فهمه للمغزى مما سبق ذكره، ولكن من باب التأكيد فقط، فإنني أقول:

أن من قتل حسن نصر الله، ليست أفعاله الدنيئة ومغامراته الشنيعة، واذلاله للسنة بالشيعة، ولا غدر إيران، ولا خيانة حاشيته من فلسطين ولبنان!!.

حسن نصر الله، لم تقتله طائرات صهيون، ولا جواسيس مرجعيون، ولم تتكالب على قتله اليهود والروم!.

وإنما قتله حِلم المملكة العربية السعودية عليه.

نعم حِلم القيادة السعودية، وصبرها على أذاه، وضبط النفس في التعامل معه ومع أزلامه، هو من قتله.

لقد ظل أربعين سنة وهو يدبّر المكائد، ويدس الفتن، للنيل من السعودية وقيادتها وشعبها.

حاول حتى هلك وهو يحاول التطاول على المملكة، واهماً متوهما في إخراج السعودية عن طورها، متأملاً أن يلغي دورها في الوطن العربي، غير مدرك أن العالم بأسره يعجز أن يقوم بما تقوم به السعودية.

ولأنه سفيه أحمق، ظن أن سكوت السعودية، وحِلمها عليه، خوفاً منه، ولم يفكّر ولو لوهله أن حِلم السعودية سوف يقضي عليه، وسوف يقضي على أمثاله والناعقين من حوله، والسائرين على دروب الهلاك خلفه.

 

إن الحِلم الذي مارسته السعودية مع الهالك نصر الله، ولاتزال تمارسه مع أمثاله، كما قضى على نصر الله، فسوف يقضي على من يسيرون على نهجه.

لقد كانت القيادة السعودية، حريصة كل الحرص على دماء الأبرياء في لبنان واليمن، وحتى إيران، رغم أنهم وبخاصة اللبنانيين كانوا بين مؤيد وملتزم الصمت، تجاه حزب الله، وقيادته وأزلامه، وهم يكيلون للسعودية وقيادتها أبشع الأوصاف، ويجاهرون بعدائها والانتقاص من قادتها وحكومتها وشعبها، رغم أن السعودية كانت تستطيع أن ترد الصاع صاعين، وتمرّغ بأنوفهم الأرض إلا أنها اختارت الحِلم كسلاح، وهاهو ذلك السلاح يُثبت أنه ليس الأقوى فحسب، بل والذي لايندم من استخدمه، كما قال أبو العتاهية:

أَيا رَبِّ يا ذا العَرشِ أَنتَ رَحيمُ

وَأَنتَ بِما تُخفي الصُدورُ عَليمُ

فَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ حِلماً فَإِنَّني

أَرى الحِلمَ لَم يَندَم عَلَيهِ حَليمُ.

 

من قال أن المملكة العربية السعودية، لم تغضب من عنتريات حسن نصر الله؟!؟

 ومن يقول أن المملكة لم تتضرر اقتصادياً وسياسياً بسبب حزب الله؟!؟

ومن قال أن تجارة حسن نصر الله، ومتاجرته بالمخدرات والسلاح لم تكن تستهدف شعب المملكة العربية السعودية؟!؟

من قال أن حسن نصر الله، لم يكن ينوي تدمير السعودية حكومةً وشعباً؟!

ورغم قدرة السعودية القضاء على حزب الله وقادته، إلا أنها لجمت غضبها بحِلمها، ولقد صدق ربيعة بن عامر بن أنيف (بالتصغير) بن شريح الدارمي التميمي، المشهور بمسكين الدارمي، حين قال:

ليست الأَحلام في حال الرضا

إِنَّما الأَحلام في حالِ الغضب.

 

لقد ظن حسن نصر الله، أن خصومه سوف يحلمون عليه كما حلمت عليه السعودية، وإن كنت لا أعتقد أنه وأمثاله يعرفون معنى الحِلم أصلاً، ولكن ربما أنه ظن أن لا أحد يستطيع الوصول إليه، لأنه يعتقد أن حلم السعودية عجز، ولم يقرأ قول أبي الطيب المتنبّي:

كُلُّ حِلمٍ أَتى بِغَيرِ اِقتِدارٍ

حُجَّةٌ لاجِئٌ إِلَيها اللِئامُ

مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ

ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ.

 

ولعلني بهذه المناسبة أذكّر إخوتنا وأخواتنا في لبنان واليمن، وإيران، بمعنى كلمة حِلم، ففي معاجم اللغة، الحِلم: العقل، ويُجمع على أحلام وحلوم. جاء في التنزيل: 

{ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا }.

والحِلْمُ : الأَناةُ وضبطُ النَّفْس.

والحِلْمُ : العقْل.

وصِغَار الأحلام: هم السُذَّجٌ.

قال الشاعر الجاهلي، زهير بن أبي سُلمى:

وَفي الحِلمِ إِدهانٌ وَفي العَفوِ دُربَةٌ

وَفي الصِدقِ مَنجاةٌ مِنَ الشَرِّ فَاِصدُقِ

وَمَن يَلتَمِس حُسنَ الثَناءِ بِمالِهِ

يَصُن عِرضَهُ مِن كُلِّ شَنعاءَ موبِقِ

وَمَن لا يَصُن قَبلَ النَوافِذِ عِرضَهُ

فَيُحرِزَهُ يُعرَر بِهِ وَيُخَرَّقِ.

MelhiSharahili@gmail.com