المقالات

قراءة مبدئية في الحرب اللبنانية الإسرائيلية

قراءة مبدئية في الحرب اللبنانية الإسرائيلية

✍🏼 ملهي شراحيلي

رغم أن لبنان حكومةً وشعباً ليسوا طرفاً في هذه الحرب إلا أنهما الخاسر الأكبر فيها، فما يجري منذ أحد عشر شهراً إلى الآن من مواجهات وهجمات بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني، سوف يدفع ثمنه الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية التي غيّبها حزب الله عن المشهد سنين طويلة وصادر قرارتها المصيرية، حتى باتت غير قادرة على اختيار قرار الحرب للدفاع عن شعبها، وقد استفادت إسرائيل من هذا التفرد لحزب الله بالقرار، وعجز الحكومة اللبنانية، ولم تستطع دول العالم أن توقف هذه الحرب لأن الطرف الآخر فيها ليس حكومة وإنما منظمة إرهابية.

 

إن الحرب اللبنانية الإسرائيلية في حقيقتها ليست حرباً بين لبنان وإسرائيل وإنما بين حزب الله وإسرائيل.

 

فإسرائيل تعتبر نفسها دولة، وتحظى باعتراف كثير من دول العالم، رغم أنها كيان غاصب للأراضي العربية، إلا أن حزب الله مُصنّف في كثير من دول العالم منظمة إرهابية، وهو لايمثل الدولة اللبنانية ولا الشعب اللبناني.

 

وفي كل الأحوال وبغض النظر عن شرعية هذه الحرب، فإن مايجري رغم بشاعته وفضاعته ورغم الخسائر البشرية والمادية التي سوف تلحق بلبنان، إلا أنها سوف تعيد للبنان بعض حقوقه، لاسيما إذا ما استطاعت إسرائيل القضاء على حزب الله، فسوف تعود لبنان لسالف عهدها كما قال عنها شوقي:

لبنان مجدك في المشارق أوّل

والأرض رابية وأنت سِنامُ

وبنوك ألطف من نسيمك ظلهم

وأشمّ من هضباتك الأحلامُ

أخرجتهم للعالمين حَجاحجِا

عُربا وأبناء الكريم كرامُ.

 

أوكما قال معروف عبد الغني البغدادي الرصافي، شاعر العراق في عصره:

أرى الحسن في لبنان أينع غرسه

وقارب حتى أمكن الكفّ لمسه

تضيء نجوم السعد واليُمن فوقه

فينجاب شؤم الدهر عنه ونحسه

ألا أن في لبنان جوّاً مروّقاً

إذا ما شفى المسلول لم يخش نكسه.

 

وحتى ينجلي غبار الغارات الإسرائيلية الجوية عن عموم لبنان وخاصة الضاحية الجنوبية، ويصفو الجو بعد الهجوم البري الإسرائيلي المُرتقب، فإن أمام لبنان شوطاً طويلاً في إعادة الإعمار والتجديد، ولكن قبل ذلك ننتظر التأكيد من الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، عن بقاء حزب الله أو انتهائه بالقضاء على قادته كما أعلنت إسرائيل. 

 

وهنا لابد من الإشارة إلى ماتناقلته وكالات الأنباء عن تقديرات إسرائيلية بنجاح اغتيال ‎حسن نصرالله، في غاراتها الجوية على مقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية.

وما أعلنه الجيش الإسرائيلي، في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، أنه قتل قائد الوحدة الصاروخية التابعة لحزب الله في جنوب لبنان، ونائبه، وعددا آخر من قادة الحزب، في غارة جوية.

 

وقال الجيش في بيانه إنه قتل "محمد علي إسماعيل، قائد وحدة الصواريخ لحزب الله في جنوب لبنان ونائبه حسين أحمد إسماعيل".

 

وأضاف: "تم القضاء على قادة وإرهابيين آخرين في حزب الله معهما".

وجاء في البيان أن محمد علي إسماعيل "كان مسؤولا عن العديد من الأعمال الإرهابية، من بينها إطلاق الصواريخ باتجاه أراضي إسرائيل، وإطلاق صاروخ أرض أرض باتجاه وسط إسرائيل الأربعاء".

 

كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أيضا إبراهيم محمد قبيسي، و"مسؤولين كبار آخرين في منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله".

 

هذه الأنباء إن صحّتْ فإن لبنان على موعد مع غدٍ مشرق، كما قال الشاعر (بتصرف):

رُبى' لبنان تبسم بالأقاح

وبشرى النصر منبلج الصباح

ترفرف فوقها الرايات نشوى

على رأس الأسنة والرماح

و(حزب الله) في لبنان درسٌ

لكم يُتلى.. بألسنة فصاح

وجنّد للعمالة كلّ ذيل

تدوس عليه.. يسرف في النباح

يبيع ضميره تعساً.. وبخساً

(مسيلمةً).. وأفجر من( سجاح)

يولّي ظهره المحنيّ خزياً

ويجري .. لا يهاب من افتضاح

هروباً من ثرى لبنان ..يجري

وقد ضاقت به كل النواحي

فقال له اليهود إليك عنّا

فوجهك ليس وجها للفلاح

ومن يخن البلاد يعش خؤونا

رخيصا في الغدوّ أو الرّواح

ومن يخن العشيرة ليس إلا

(غراب البين) مسودّ الجناح

 

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن:

هل سوف تنتهي الحرب عند هذا الحد؟!؟

بعبارة أخرى:

ألن يتسبب مقتل أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، والعديد من قادته بدخول أطراف أخرى في الحرب؟

وهل سوف تظل إيران والفصائل الموالية لها في العراق وسوريا واليمن صامته؟!؟

من وجهة نظري الشخصية، أن إيران لن تُحرّك ساكناً، ولو أن لها من خيرة في أمرها، لكانت ردت على مقتل قادتها ورئيسها وضيفها. 

إن الحرب التي تشنها إسرائيل حالياً في لبنان تحظى بدعم غربي وبخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، وإن أعلنوا غير ذلك، وليس أدل من ذلك التوجيه الأمريكي، ليل السبت، من قبل الرئيس الأمريكي للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط بتعديل وضعها، أي من الترقب والدفاع لأخذ وضعية الهجوم، كنوع من تأكيد التهديد لإيران إذا ما فكرت في الإنتقام لمقتل حسن نصر الله، ومن معه من قادات الحزب والقادة الإيرانيين في لبنان.

 

بعبارة أخرى: أن الولايات المتحدة الأمريكية بعثت رسالة لإيران من التدخل منذ أن قررت إسرائيل مهاجمة حزب الله، واليوم أكدت ذلك بتأمين سفاراتها في المنطقة، وغيرت وضع قواتها.

أما فيما يخص الفصائل في اليمن والعراق وسوريا فقدرتهم وقدراتهم محدودة وهم وإن حاولوا فلن يغيروا من الأمر شيء، بل إن القضاء على حزب الله وقادته يبعث لتلك الفصائل برسالة مفادها أن الدور قادم عليكم، ولا شك أن الأيام والأسابيع القادمة سوف تشهد تغيرات ليس فقط في كمية ونوع تصريحات تلك الفصائل المارقة وإنما حتى في تحريك كثيراً من الملفات في المنطقة.

يقول شاعر لبنان، إبراهيم نجم الأسود:

لبنان قد نلتَ المُنى' بُشْراكا

وبلغتَ من هذا الزمان مُناكا

أولاكَ واليك المفجّى نعمةً

جلّى' بوابل غيثها أحياكا.

MelhiSharahili@gmail.com