المقالات

أنا وصديقتي .. 

أنا وصديقتي .. 

 هالة الغامدي ✍🏻

في عالم مليء بالضجيج، كانت هي الهدوء الذي يبحث عنه قلبي، كانت صديقتي، بل كانت أكثر من ذلك بكثير؛ كانت جزءاً من روحي، وكان حضورها يضيء ظلام أيامي وينشر السكينة في زوايا قلبي المتعب.

أتذكر أول مرة التقت أرواحنا، كانت اللحظات تهمس للحياة بأمل، وترسم روعة الأخوة على ملامحنا. كانت تضحك، وتلك الضحكة الأولى كانت كالنسيم العذب يلفح وجهي، يعيد إلي الحياة التي كنت أظنها قد انطفأت، كانت ناعمة هادئة تراقب الجميع بصمت، وتتبسم حين تنظر لي وكأنها ترى ذلك الحب الذي سأكنّه لها مستقبلا، كانت ضحكتها رسالة حب من الكون، تقول لي: "ها هنا تجد الأمان".

 

مرت الأيام والسنين ونحن نجوب شوارع الحياة، نحمل في قلوبنا أحلاماً بسيطة، لكنها عميقة. كنا نجلس على مقاعد الحديقة، نرسم أحلامنا على صفحة السماء، ونبني قصوراً من الأمل في الهواء الطلق، كانت تشاركني كل شيء، حتى أحلامي البعيدة المستحيلة، كانت تؤمن بها أكثر مني.

 

كانت صديقتي ترى العالم بنظرة مختلفة، نظرة تملؤها الحنان والتفاؤل، كانت تلتقط جمال الحياة في كل شيء، في أزهار البرية، في أغنية عصفور صغير، وحتى في قطرات المطر التي تنزل برقة على زجاج نافذة سيارتها بينما نسير في شوارع المدينة. كانت تعلم أن السعادة تكمن في التفاصيل الصغيرة، وكانت تسعى لنشرها في كل مكان، كفراشة تنثر حبها بين الزهور.

 

وفي تلك الأيام الصعبة، عندما كانت الحياة تثقل كاهلي، كانت صديقتي هناك، تمسك بيدي بقوة، وتنظر في عيني بعزيمة. كانت تقول لي: "لا تخافي، نحن معاً، وسنتجاوز كل شيء." كانت كلمتها تعيد لي الثقة المفقودة، وتجعلني أقف من جديد، قوية لا تهزمني الصعاب.

 

معها، تعلمت أن الصداقة ليست مجرد علاقة، بل هي رحلة من الحب والعطاء، هي ذلك الضوء الذي ينير دروبنا المعتمة، هي القلب الذي ينبض لنا حين يتعب قلبنا. تعلمت أن الصديق الحقيقي هو الذي يشاركك لحظات الفرح والحزن، الذي يقف بجانبك عندما يتخلى عنك الجميع، حتى الأم والأخ والأخت، وينكرك الأبناء، لكنه كان معك وسندًا لك، يؤمن بك حينما تفقد إيمانك بنفسك.

 

واليوم، ونحن نجلس على نفس المقعد في الحديقة، أشعر بالامتنان لكل لحظة قضيناها معاً. أنظر إلى عينيها، وأرى فيها عمق العلاقة التي جمعتنا، أرى فيها كل الأحلام التي بنيناها، وكل الأوقات التي ضحكنا فيها، وكل الدموع التي مسحتها عن خدي. أرى فيها قصتنا، قصة أنا وصديقتي.

 

في ختام رحلتنا، أدرك أن الصداقة الحقيقية هي كنز لا يفنى، هي تلك اليد الدافئة التي تمتد لتساندك في أصعب الأوقات، هي ذلك القلب الذي ينبض بحبك، وهي ذلك النور الذي يضيء دربك مهما اشتدت ظلمة الأيام. ومع صديقتي، عرفت معنى الحياة، وعرفت أنني مهما واجهت، سأظل بخير طالما هي بجانبي.

 

إلى صديقتي، التي كانت ولا تزال شريكة روحي، شكراً لأنك كنتِ دائماً هناك، لأنك كنتِ الصديقة، والأخت، والملجأ. شكراً لأنك جعلتِ حياتي أجمل، وأعطيتِ لقلبي سبباً ليظل ينبض بالأمل.