المقالات

هل انتصر ترمب في المناظرة الرئاسية الأولى؟!؟

هل انتصر ترمب في المناظرة الرئاسية الأولى؟!؟

✍️ ملهي شراحيلي

خرج ترمب، من المناظرة الرئاسية الأولى، منتشياً، ولسان حاله يردد ماقاله عنترة بن شداد (بتصرف):

لَقَد وَجَدنا (جموعاً) غَيرَ صابِرَةٍ

يَومَ اِلتَقَينا وَخَيلُ المَوتِ تَستَبِقُ

إِذ أَدبَروا فَعَمِلنا في ظُهورِهِمُ

ما تَعمَلُ النارُ في الحَلفا فَتَحتَرِقُ

وَ(بايدن) قَد تَرَكتُ الطَيرَ عاكِفَةً

عَلى دِماهُ وَما في جِسمِهِ رَمَقُ

خُلِقتُ لِلحَربِ أُحميها إِذا بَرَدَت

وَأَصطَلي بِلَظاها حَيثُ أَحتَرِقُ

وَأَلتَقي الطَعنَ تَحتَ النَقعِ مُبتَسِماً

وَالخَيلُ عابِسَةٌ قَد بَلَّها العَرَقُ

لَو سابَقَتني المَنايا وَهيَ طالِبَةٌ

قَبضَ النُفوسِ أَتاني قَبلَها السَبَقُ

وَلي جَوادٌ لَدى الهَيجاءِ ذو شَغَبٍ

يُسابِقُ الطَيرَ حَتّى لَيسَ يُلتَحَقُ

وَلي (لسانٌ) إِذا ما سُلَّ في رَهَجٍ

يَشُقُّ هامَ الأَعادي حينَ يُمتَشَقُ

أَنا الهِزَبرُ إِذا خَيلُ العِدا طَلَعَت

يَومَ الوَغى وَدِماءُ الشوسِ تَندَفِقُ

ما عَبَّسَت حَومَةُ الهَيجاءِ وَجهَ فَتىً

إِلّا وَوَجهي إِلَيها باسِمٌ طَلِقُ

ما سابَقَ الناسُ يَومَ الفَضلِ مَكرُمَةً

إِلّا بَدَرتُ إِلَيها حَيثُ تُستَبِقُ.

 

في المقابل، خرج بايدن، يجر أذيال الهزيمة، بعد أن أثبت بما لايدع مجالاً للشك، للشعب الأمريكي عامة، وللديمقراطين خاصة، بأنه أسوء رئيس أمريكي في العهد الحديث، ولسان حاله يقول، ما قاله الشاعر العبّاسي، إبن نباته السعدي:

في كلِّ يومٍ لنا يا دهرُ معركةٌ

هامُ الحوادثِ في أرجائِها فِلَقُ

حظّي من العيشِ أكلٌ كلُّه غَصَصٌ

مزُّ المَذاقِ وشُربٌ كلُّه شَرَقُ.

 

لقد كانت المناظرة الرئاسية الأولى التي جرت فجر الجمعة، بتوقيت السعودية، بين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وسلفه، دونالد ترمب، بمثابة إختبار لياقة أكثر من كونها مناظرة تلفزيونية، لإظهار المرشح الأكثر ملائمة لنيل ثقة الناخب الأمريكي، ولتأكيد الأجدر بشغر منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. 

ولعل من نافلة القول أن أهمية هذه المناظرة، لاتكمن في ذات المناظرة وما دار فيها من سجال سياسي، بقدر ما تكمن في توجه السياسة الأمريكية، نظراً لما تمثله الولايات المتحدة الأمريكية من ثقل عالمي، نظراً للأدوار السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تلعبها أمريكا على الساحة الدولية.

ولذا فلا غرابة أن تحظى المناظرة الرئاسية الأمريكية بهالة إعلامية واسعة، وتغطيات إخبارية على كافة القنوات التلفزيونية، ووكالات الأنباء، ومواقع التواصل الإجتماعي.

 

ولا يخفى على القارئ الكريم، أن المناظرات الرئاسية التلفزيونية، التي تُجرى للمرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية، تهدف للتعريف، ليس فقط بما في جعبة المرشح للرئاسة، وإنما ليعرف الناخب هناك، رئيسه القادم وقدراته الصحية والبدنية والعقلية والنفسية، ومدى قدرته على التحاور والإقناع.

وهذا بالضبط ما حصل في المناظرة الرئاسية الأولى التي جمعت بايدن، بترمب، وانتهت بانتصار ترمب، بحسب وسائل الإعلام الأمريكية، وزعماء الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي إليه مرشحهم الذي مني بالخسارة، وأثبت أنه غير قادر، ليس على مجاراة ترمب، فقط، بل وغير قادر على تحمل أعباء فترة رئاسية ثانية، نظراً لتقدمه في العمر وانحسار قدراته البدنية والذهنية، كما ظهر ذلك جلياً في هذه المناظرة. 

وهذا يقودنا إلى السؤال الذي يطرح نفسه الآن:

هل انتصر ترمب في المناظرة الرئاسية الأولى؟

والجواب على هذا السؤال، تناقلته وسائل الإعلام الأمريكية، الديمقراطية منها والجمهورية، وإن كانت غالبيتها لم تفصح عنه بشكل مباشر، وإنما جاءت به على شكل سخرية لاذعة ضد الرئيس بايدن!!.

فترمب من وجهة نظر الصحافة والإعلام الأمريكي، وخاصة التي تميل للحزب الديمقراطي، لم يأتِ بجديد، وهو(ترمب) في نظرهم مجرد مُهرّج، ولكنها في ذات الوقت لم تستطع أن تجد عذراً مقبولاً لمرشحها الرئاسي بايدن، بل أنها لم تتردد في وصفه (أي بايدن) بالضعيف، ولم تكتفي بتوبيخه والتهكم عليه، بل وصل الحال في بعض تلك القنوات الإعلامية لدعوته إلى التنحي، ومطالبته بفسح المجال لغيره من أعضاء الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة في نوفمبر!!!.

وهذا الأمر وإن كان ممكناً من الناحية النظرية وحتى الدستورية بحسب القوانين الأمريكية إلا أن تنفيذه خلال الفترة القادمة غير ممكن، نظراً لقرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.

ولكن وفي كل الأحوال وبغض النظر عن ترتيبات الديمقراطيين، فإن نتيجة المناظرة الرئاسية الأولى لن تكون الفصل في حملة السباق إلى البيت الأبيض، ولدا ترمب، محطات أكثر أهمية سواءً في المحاكم أو الدوائر الانتخابية، وحتى المناظرات الرئاسية القادمة التي تنتظره.

 

 

وعَوداً على بدء فإن ما تحقق لترمب، في المناظرة الرئاسية الأولى، من زخم إعلامي، وتقدم سياسي، على منافسه جو بايدن، لم يكن مُجمله فيما قدّمه ترمب، من أداء، وإنما جاء أغلبه من ضعف بايدن، وتخبّطه، وشروده الذهني، وانفصاله عن الواقع، وعدم مقدرته في التحكم في انفعالاته.

وإن كان يظن البعض أن فارق السن له دور، فترمب، يصغر بايدن، بثلاثة أعوام ليس أكثر!!!.

ولكي نكون منصفين في الإجابة على السؤال:

هل انتصر ترمب في المناظرة الرئاسية الأولى؟

فالجواب من وجهة نظري الشخصية، أن ترمب، لم ينتصر فحسب، بل سحق بايدن، سياسياً، وقضى على آماله الرئاسية، وأشعل معركةً في الحزب الديمقراطي، ليس بقدراته الإدراكية، وإمكانياته اللغوية، وكاريزميته الشخصية، بل بما كشف من عيوب شخصية، وتناقضات لفظية، لدا بايدن.

لقد قضى ترمب، على بايدن، وعلى الهواء مباشرة، وربما تضاف إلى جرائمه، هذه المناظرة، كجريمة قتل سياسي لعجوز طاعن في السن، على قناة السي إن إن. 

 

ولا شك أن هذه المناظرة، سمحت لترمب، أن يصفّي ولو بعض الحسابات الشخصية مع بايدن، ويقضي بعضاً من الديون السياسية التي بينهما. 

وكما قال عنترة بن شداد:

لا تَقتَضي الدَينَ إِلّا بِالقَنا الذُبُلِ

وَلا تُحَكِّم سِوى الأَسيافِ في القُلَلِ

وَلا تُجاوِر لِئاماً ذَلَّ جارُهُمُ

وَخَلِّهِم في عِراصِ الدارِ وَاِرتَحِلِ

وَلا تَفِرَّ إِذا ما خُضتُ مَعرَكَةً

فَما يَزيدُ فِرارُ المَرءِ في الأَجَلِ.

MelhiSharahili@gmail.com