
يعكس الخط في الوثائق التاريخية طبيعة الحقبة التي كُتبت فيها، بما تحمله من ظروف، وذائقة إبداعية، ويكشف عن المستوى التعليمي، والتقاليد الإدارية، والثقافية السائدة آنذاك، ليشكّل شاهدًا يضيء الطريق لفهم التحولات في سياقها التاريخي.
وأتاحت دراسة الخطوط في وثائق دارة الملك عبدالعزيز استقراء ملامح الفترات الزمنية التي وُلدت فيها كل وثيقة، والتعرّف على طبيعة الجهة المصدرة لها، سواء كانت رسمية أو شخصية أو علمية، إضافة إلى استجلاء درجة التعليم، والمكانة الاجتماعية، ورصد التأثيرات الفنية والثقافية التي انعكست على أسلوب الكاتب.
وتُسهم دراسة الخط في تحديد الأصول الجغرافية للوثائق بدقة، وتوثيق تاريخها، والتمييز بين الخط الأصيل والمزوّر، فضلًا عن إبراز البعد الفني والجمالي للكتابة، بوصفها عنصرًا معرفيًا متكاملًا لا ينفصل عن محتوى الوثيقة نفسها.
وفي هذا الإطار، تبرز جهود دارة الملك عبدالعزيز من خلال مبادرة "وثائق الدارة"، التي تضم وثائق متنوعة بخطوط متعددة، منها ما هو شخصي أو عائلي أو رسمي، ويعبر كل خط عن دلالات خاصة ترتبط بطبيعة الجهة المصدرة، وتبقى جميع هذه الخطوط مرآة صادقة للفترة التي كُتبت فيها، وتجسيدًا لشخصية الكاتب وفكره، لتجعل من دراسة الخط سبيلًا لفهم أعمق للهوية التاريخية وصونها.
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات