
✍🏼الكاتب: فلاح بن علي الزهراني
شدني كثيرًا “مناسبة اليوم العالمي للغرق”، وإن كان القصد من إطلاق هذه الوسوم بث الوعي والتحذير من الأخطار التي قد تؤول إلى نهايات مأساوية – لا قدر الله – إلا أن بعض المسميات تغلب عليها النزعة التشاؤمية، وإن كانت للتحذير ليس إلا، سيّما أن حوادث الغرق تُغرق مشاعرنا يومًا بعد يوم بالحزن والألم، كمواساة لمن يفقد عزيزًا عليه، إذ إن المشاعر تتقاسم؛ فرحًا أو ترحًا، كما أننا – نحن المسلمين – نتشاطر مع الآخر مصابه، وهذا تجسيدًا لحديث المصطفى ﷺ:
“مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.”
ومع أن التحذيرات تتوالى، ومعها الوعي يزداد عمقًا وانتشارًا بين الناس، إلا أن الحوادث تزداد، والمآسي تهوي كالصاعقة. ولعل المسابح هي الأكثر حصادًا للأرواح، سيّما في جانب الأطفال، ولربما ذلك ناتج عن غفلة لحظات قلائل، اختلس فيها ذلك الصغير نفسه؛ بدافع الفضول أو اللعب البريء، ليقع ضحية، بل ليوقع حزنًا في كبدٍ حرّى لا تنسى الموقف، كما لا تنسى أيامًا وضحكات براءة كانت أُنسًا، أعقبها ألمًا وحزنًا، وأثرًا محفورًا في ذاكرة الزمن، تظل حاضرة عميقة الفجوة!
وهنا الأمر يحتاج إلى مراجعة جادّة لموضوع المسابح في النزل السياحية، الشاليهات، وأيضًا الاستراحات، وحتى الخاصة، وذلك من جوانب عدّة، منها:
• ضرورة إحاطتها بسياج زجاجي شفاف بارتفاع لا يقل عن مترين، مع غلق محكم يمنع تسلّل الصغار؛ إلا أن يجد من يرافقه دخولًا وخروجًا.
• الحد قدر المستطاع من الدوائر الكهربائية التي تشكّل خطرًا في حال تسرّب ماس كهربائي يفتك بمن يقترب منه، سيّما أن الماء يزيد الأمر خطرًا.
• منع تركيب أي أفياش أو توصيلات خارجية؛ لتحاشي أي التماس أو تسرّب كهربائي قد يتسبّب في كارثة.
• يُفترض أن يُشترط لترخيص المسابح وجود شخص مدرّب وموجود على مدار الساعة للمراقبة والإنقاذ حال تطلّب الأمر ذلك، ويُحدّد جنسه بحسب القسم المراد تأجيره؛ نسائي أو رجالي.
أخيرًا:
لقد آلمنا ما أصاب أخانا الفاضل، الإعلامي الخلوق الأستاذ: أحمد الخبراني، بفاجعة فقد ابنه “نايف” بسبب صعق كهربائي أثناء تواجده في المسبح.
وإننا إذ نشاطره الألم، وننقل له تعازينا الحارة، فإن عزاءنا جميعًا أن للصغار ضيافة ربّانية مجتباة، ونُزُلًا ومقامًا عليًّا وقدرًا كبيرًا في الجنان؛ إذ هم سلفًا وفرطًا وشفعاء مُجابون لوالديهم وأجرًا مدّخرًا، ولربما اختارهم الله ليسلموا من متاعب الدنيا وصلف الحياة ونكدها؛ فليهنأ “نايف” في كنف ربٍّ رحيم، وليطمئن والداه بذلك الشرف العظيم!
نسأل الله أن يربط على قلب كل محزون، وكل ذي فقدٍ، وأن يعظّم لهم الصبر والأجر والسلوان، وألّا يُري أحدًا مكروهًا في عزيزٍ عليه.
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات