
بقلم: فلاح بن علي الزهراني
متلازمة الجود والإسكان لها دلالات عميقة تتجاوز اللفظ إلى الامتداد العمراني والرفاه السكاني، والعيش الكريم، وذلك في سبيل تغطية فجوة العجز في عدد المساكن، والحاجة الماسة للسكن، بصفته مأوى تجد من خلاله الأُسر الأمان النفسي والاستقرار العائلي.
وله أيضاً أبعاد أخرى على النسيج المجتمعي كعلاج للعديد من القضايا التي تؤرق الجميع، إذ سبب عدم توفر المسكن لدى الشباب عزوفاً عن الزواج، وما يترتب على ذلك من ارتفاع نسب العنوسة، وربما أحد أسباب ارتفاع حالات الخلافات الأسرية، التي تتفاقم لحد الطلاق!
كما أن عدم توفر المسكن يشكل شللاً اقتصادياً، كونه ضرورة عصرية ملحة، الأمر الذي يجعل البعض يعمد لتقليص الإنفاق لمزيد من التوازن أو في سبيل تأمين منزل العمر لأسرته، وبين هذا وذاك تقف العوائق دون تحقيق أمنيات الشريحة الكبيرة من ذوي الدخل المحدود! ولعل غلاء أسعار الأراضي وارتفاع تكلفة البناء، مع ما يحيط بذلك من جشع واحتكار العقاريين بغية الظفر بقدر أكبر من الأرباح صعّب عملية التملك، وهذا ما جعل الدولة -برعاية أبوية- من لدن خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، يصدرون عدة مبادرات وقرارات للحد من ارتفاع الأسعار، للحفاظ على توازن العرض والطلب، ليصبح في مقدور العامة تملك المسكن تبعاً للملاءة وتفاوت الإمكانات.
وهذا ما حدا بولي الأمر لاتخاذ إجراءات وحلول تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، ومنها:
• رفع الرسوم على الأراضي الفضاء القابلة للتطوير من 2.5٪ إلى 10٪ لكسر الاحتكار ولإجبار أصحابها على تخطيطها بدلاً من تجميدها أو تحييدها، وذلك لضخ مزيد من الأراضي السكنية؛ لزيادة التنافسية، وبالتالي انخفاض الأسعار وفقاً لمعادلة العرض والطلب!
• فرض رسوم سنوية على أي عقار شاغر وغير مستغل لفترة طويلة بدون مسوغ مقبول.
• إعفاء من يريد تملك المسكن الأول من رسوم التصرفات العقارية؛ دعماً وتشجيعاً على الإقدام على التملك.
• تعد مبادرة (جود الإسكان) إحدى البرامج والحلول التي تسهم بشكل فاعل ومباشر في مساعدة الأقل دخلاً في الحصول على المسكن، بما تقدمه من دعم مباشر يسهم في تخفيض قيمة الشراء بما يعادل نصف السعر!
• كما لم تتوقف الدولة -رعاها الله- عند حد معين، فقد توسعت في برامج الدعم لتشمل الموظفين كافة، سواء دعم مالي شهري أو تقديم دعم مالي غير مسترد بمبلغ ثابت 100 أو 150 ألف.
• فتح قنوات الدعم الخيري لأصحاب الأموال والمتبرعين لصندوق جود الإسكان ليكون قادراً على مواجهة الطلب المستمر عليه!
• الإسكان التنموي الخيري عن طريق الجمعيات الأهلية لمستفيدي الضمان الاجتماعي، والذي يسهم بدوره في توفير المسكن للمحتاجين من أجل تحسين ظروفهم المعيشية والإسهام في استقرارهم وراحتهم.
• تبرع ولاة الأمر المستمرة لهذه المبادرة، انطلاقاً من حرص القيادة على أن يحظى المواطن بالرفاه وجودة الحياة.
• التبرع السخي بمبلغ (مليار) ريال من نفقة سموه الخاصة، عبر مؤسسة “سكن” كضخ قوي وكبير يسهم بشكل فاعل في توفير آلاف المساكن، وبما يغطي حاجة شريحة كبيرة من المواطنين ممن تنطبق عليهم الشروط، وذلك لتوفير حياة مستقرة وعيش كريم.
• التوجيهات المستمرة لوزارة البلديات والإسكان في التوسع في المخططات وتوزيع الأراضي السكنية عن طريق (منصة سكني)، والتي سرعت من الإجراءات الروتينية للحصول على الأراضي المجانية المطورة بطريقة تفاعلية مباشرة!
• ولعل توجيه ولي العهد في مارس (آذار) الماضي باتخاذ حزمة من الإجراءات التنظيمية تشمل رفع الإيقاف عن تطوير أكثر من 81 كيلومتراً مربعاً من الأراضي شمال الرياض، وتوفير عشرات الآلاف من القطع السكنية سنوياً بأسعار ميسّرة للمواطنين بحيث لا يتجاوز سعر المتر (1500) ريال، وذلك بعدما شهدت الرياض ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار عقاراتها يعد لفتة كريمة وتعاطفاً ينصب في مصلحة ذوي الدخل المحدود بغية الحد من الارتفاعات المبالغ فيها التي أدت لتضخم غير مسبوق.
لقد أسهمت هذه الجهود في توفير خيارات وحلول سكنية للمواطنين، أدت لزيادة المعروض مع سهولة الوصول إليها من خلال التطبيقات والمنصات الإلكترونية، الأمر الذي أدى لرفع نسبة تملك المواطنين بنسبة تجاوزت مستهدفات تملك السكن المتوقعة خلال الفترة (2025)، إذ بلغت (65.4٪)، وذلك انعكاس لتلك الإسهامات المتوالية لهذا الجانب الحيوي المهم.
كما أن للدعم السخي من لدن حكومتنا المباركة أثر كبير في تسهيل تملك المواطنين من خلال المنتجات المتعددة، والفرص المتنوعة، والتي جاءت بنتائج إيجابية ملموسة ومتحققة.
شكراً سيدي الكريم سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، على هذه الجهود وعلى هذا الدعم الملياري السخي، وعلى هذا العطاء الزاخر بمكرمات عظام، وبما يعد نقلة نوعية في مضاعفة أعداد المنتجات السكنية المعروضة، والذي سينعكس على راحة المواطن ورفاهه وعطائه!
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات