المقالات

إمتنان عالمي للبطل العالمي في ختام المحادثات العالمية

إمتنان عالمي للبطل العالمي في ختام المحادثات العالمية

✍🏼 ملهي شراحيلي

اختتمت هذا المساء في الرياض، واحدة من أهم وأعظم المحادثات التي لو أنها فشلت لاقد الله، لكانت النتيجة حرباً عالمية مدمرة، والفضل في نجاحها لله أولاً وأخيراً ثم للبطل الذي توسط فيها وقادها باقتدار حتى أوصلها لبر الأمان، مجنّباً العالم حرباً ضروساً لن تبقي ولن تذر.

إنني هنا أتحدث عن اختتام المباحثات التي ضمت الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الإتحادية، وجمهورية أوكرانيا، وتوسط فيها وأشرف عليها وصنع نجاحها سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله. 

وأنا هنا لن أعيد على القارئ الكريم نتائج تلك المباحثات، ولا ماتوصلت إليه المفوضات، لأن وكالات الأنباء، قد نشرتها بالتفصيل، وسلطت عليها الضوء تحليلاً وقراءة مما يُغني عن الإشارة إليها، وإنما حديثي في هذه العُجالة عن الزعيم العالمي، الذي استطاع بعمق حكمته، وغزير فهمه، ونباهة فكره، وعلو كعبه في السياسة، ورجاحة عقله في الكياسه، أن يقنع الأطراف بالجلوس على طاولة المباحثات. 

إن مما لاشك فيه أن إقناع الفرقاء، على التفاوض، هذا بحد ذاته إنجاز، ولا يتوفق في هذا إلا من وفقه الله، وألهمه الرأي السديد، والقول الرشيد، والحجة البالغة، بحكمة وسياسة.

ولقد نجح البطل العالمي، محمد بن سلمان، حفظه الله ورعاه، ليس فقط من جمع الفرقاء، بل وإدارة اللقاءات ومتابعة أدق تفاصيل النقاشات، مع تهيئة الأجواء، وتسهيل المحادثات، وهذا بشهادة جميع الأطراف دون استثناء. 

 

فعندما يقول البيت الأبيض:

"نُعرب عن امتناننا لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على قيادته وكرم ضيافته في تسهيل المحادثات الهامة في المملكة العربية السعودية."

فهو يعترف بالفضل لأهل الفضل، وأن من أهم أسباب نجاح تلك المباحثات كان ولي العهد حفظه الله ورعاه.

في الحقيقة أن كلُّ كلمة من هذا البيان، تستحق الوقوف عندها، ليس لأنها جاءت من البيت الأبيض، بل لأنها صيغت بدقة وعناية، وفيها من المعاني العميقة مايرفع الرأس، ويُطرب الحواس.

فكلمة قيادته، اعترافاً بأنه كان حاضراً في كل نقطة تم نقاشها، وفي كل معضلة تم تجاوزها، أو استدعى الأمر، التشاور فيها مع أصحاب الرأي، سواءً في البيت الأبيض، أو الكرملين، أو كييف. 

لقد كان حاضراً ليس للاستماع وإنما للتدخل متى اقتضى الأمر تدخله، وإلا مامعنى قيادته؟

ومما لاشك فيه أن حضوره حفظه الله، لم يكن فقط حضوراً جسدياً بل كان حضوراً سياسياً ودبلوماسياً، من خلال تواصله الشخصي أو عن طريق فريقه المُعد لهذه المهمة مع قادة تلك الدول والدول الأخرى ذات الشأن.

أما عبارة كرم الضيافة، وإن كانت فضفاضة، إلا أنها هنا لاتعني فقط تقديم السكن الملائم والشراب والطعام، وأدوات الراحة ووسائل الاستجمام، ووسائل التواصل للفرق التفاوضية، وإن كان المتفاوضون هنا رغم حاجتهم لذلك، إلا أن إكرامهم يستدعي ماهو أكبر من ذلك بكثير، من راحة نفسية وذهنية، وحرية في طرح الأفكار، ونقاش بكل أريحية، وغيرها من المقتضيات التي تحتاجها المفاوضات. 

العبارة الأخيرة من بيان البيت الأبيض "تسهيل المحادثات"، وهي لاتقل أهمية عما سبقها، لأن نتيجتها كانت نجاح المفاوضات، ومما يسهّل المحادثات حفظ أسرارها، وعدم تسريب مايدور فيها، ومنع وصول الفضوليون من وسائل الإعلام والإعلاميون، فكم من محادثات كانت التسريبات الإعلامية السبب في إفشالها، وإنهائها قبل اكتمالها.

وكما أعلن البيت الأبيض، وترامب، شخصياً عن امتنانه للملكة العربية السعودية، ولولي العهد شخصياً، على نجاح المفاوضات، أعلن كذلك الكرملين، وكييف، وعبّر العديد من زعماء وقادة العالم، عن امتنانهم للسعودية وقيادتها الرشيدة، بمناسبة نجاح المفاوضات الأمريكية الروسية الأوكرانية التي استضافتها المملكة العربية السعودية. 

وهنا لابد من الإشارة إلى أن الثقة التي تحظى بها السعودية، ويحظى بها ولي العهد حفظه الله، لدى دول العالم، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية وجمهورية أوكرانيا، لم تكن وليدة اللحظة، ولم تأتِ من فراغ، وإنما هي نتيجة تراكمات سياسية، وتجارب دبلوماسية، خاضها قادة هذه البلاد طيلة العقود الماضية.

إن النزاهة في إدارة المحادثات، والجدية في حل النزاعات، سمة سعودية، وصفة لاتكاد تتوفر إلا في قادة المملكة العربية السعودية، ولأن العالم يعلم ذلك، ويعلمون أن السعودية وقيادتها ليسوا فقط كرماء وأمناء وصادقين وجادين، ولا تأخذهم في الحق لومة لائم، وهذه من مقتضيات التوسط في حل النزاعات، فقد قبلوا وساطة ولي العهد، ولم يترددوا في القدوم إلى السعودية للتفاوض، رغم علمهم التام، أن من مقتضيات وشروط أي مفاوضات السرية التامة، حتى الإتفاق على آخر نقطة من نقاط التفاوض، قبل إعلان الإتفاق بشكل رسمي للملأ، ولذلك كانت المملكة العربية السعودية ليس فقط راعياً للمباحثات وإنما حافظةً لأسرارهم وحريصة على إنجاح مباحثاتهم، وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه:

لا تُوَدِعِ السِرَّ إِلّا عِندَ ذي كَرَمٍ

وَالسَرُّ عِندَ كِرامِ الناسِ مُكتومُ.

MelhiSharahili@gmail.com