
قد تكون الردود متباينة بين وسيلتين، إحداهما قديمة والأخرى حديثة، فرضها رتم الحياة وما يعيشه العالم من تطور وتسارع ملفت وعجيب. حتى المقالة لم تعد كما في السابق من حيث القراءة والاهتمام والمتابعة، إذ صارت الرغبات مع المختصر، وبإيجاز وكلمات قليلة.
في السنوات الماضية، كانت الصحف الورقية لاعبًا رئيسيًا كمصدر ثقافي، لدرجة تقليب صفحاتها التي تزيد على أربعين صفحة، وقراءة كل ما يرد داخلها من خبر ومقال، حتى الإعلانات لا تخطئها عين القارئ.
اليوم، لم تعد اهتمامات القراء كما في السابق، أعني حب القراءة، بل تركزت الاهتمامات على ما يشبه قراءة العناوين بنظرات سريعة، بحيث لا يستغرق وقت الصحيفة سوى دقائق معدودة، وغابت تلك الساعات التي تتجاوز الساعتين والثلاث ساعات مع جريدتين أو أكثر.
نعم، الصحف الإلكترونية أسرع في نقل الأخبار وأقل جهدًا، كما تتميز عن الصحف الورقية باختصار الكثير من مراحل الإعداد والطباعة والتوزيع، ولا تسأل عن الرجيع وأماكن التخزين وما يرافق الأخيرة من تدابير مكلفة كالمخازن والموظفين والرصد والمحاسبة.
أدري أن العالم اختار الطريقة الحديثة، أعني (الصحف الإلكترونية)، لا لأنها الأمثل، بل لعوامل كثيرة، لعل منها عدم الرغبة في القراءة العميقة، والبقاء لساعات طويلة في المكان نفسه، وأيضًا التحول المذهل في الرغبات والتنوع في المشاهدة السريعة، لدرجة الاختزال في كل شيء؛ قصص، نقاشات، استطلاعات، وكل ما يدور في العالم بطرق سريعة ومختصرة.
صراحة، الصحف المطبوعة وإن كانت مدفوعة الثمن وتحتل من البيت مساحة، ولا ننسى لملمتها والتخلص منها بشكل لائق وحضاري، تظل لها في القلب مكانة، وأنت تفردها على الطاولة، تقلب الصفحات برفق، لتجد الأحبار قد لونت أصابعك. إنها ذكريات جميلة، لا أُخالها تغيب عن كل من عايش ذلك الزمن الجميل، وما نعيشه اليوم من تسارع ليس في الإعلام وحده، بل في كل شيء من أمور الحياة.
أدري أننا في زمن التحولات والتطور الآخذ بزمام التجديد في كل شيء، لكنه يصعب نسيان الماضي، وإن كانت مجرد ذكريات نرددها، ولا نملك إلا أن نقول: إنها طبيعة التطور، وهي باقية ما بقيت الحياة بهذا التسارع علميًا وتقنيًا وتكنولوجيًا.
✍🏼عبدالله عبدالرحمن الغيهب
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات