المقالات

نوء الثريا ... البداية الفعلية لفصل الصيف

نوء الثريا ... البداية الفعلية لفصل الصيف

✍️ ملهي شراحيلي

نويء الثريا هو البداية الفعلية للصيف فلكياً، وحسابياً، وبدخوله تخرج الثريا من تحت شعاع الشمس، الاستتار أو (إنتهاء موسم الكنّة)، ويدخل نوء الثريا حسابياً في السابع من يونيو، ويصادف هذا العام، الفاتح من ذي الحجة ١٤٤٥هـ.

 ولكن لايمكن رؤية عنقود الثريا بُعيد الفجر، بالعين المجردة قبل التاسع من يونيو، لاسيما في وسط وشمال الجزيرة العربية. 

ومدة نوء الثريا ١٣ يوماً، تبدأ من ٧ يونيو إلى ١٩ يونيو من كل عام.

وظهورها بالغداة بعد الاستتار، وذلك عند قوة الحرّ، يقول الساجع: «إذا طلع النجم غديّه، ابتغى الراعى شكيّه» (والشكيه) تصغير شكوة، وهى قربة صغيرة. يريد أنه لا يُستغنى عن الماء لشدة الحرّ إذا خرج للرعي.

 قال ذو الرمة:

أقامت به حتى ذوى العود والتوى

 وساق الثريا فى ملاءته الفجر

ويقال: ذوى العود يذوي، إذا بدأ يجفّ.

وقال أيضاً:

فلما رأى الرائى الثريا بسدفة

 ونشّت نطاف المبقيات الوقائع .

قوله «بسدفة» يريد طلعت وقد بقي من سواد الليل شىء قبيل الفجر. و«نشت النطاف» يعنى نضبت المياه و«المبقيات» الحافظات للماء من جلد الأرض. 

وإذا نضب ماء المبقيات، فغيره أنضب. 

 وقال طبيب العرب: اضمنوا لى ما بين سقوط الثريا وطلوعها، أضمن لكم سائر السنة».

ويقال ما طلعت، (الثريا) ولا ناءت إلّا بعاهة فى الناس والإبل.

وغروبها أعيه من شروقها. وأما قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«إذا طلع النجم، لم يبق فى الأرض من العاهة شئ إلّا رُفع.

 فانه أراد بذلك عاهة الثمار. لأنها تطلع بالحجاز وقد أزهى السر وأمنت عليه العاهة، وحلّ ينع النخل. وقال طبيبهم: "إذا طلع النجم، اتّقِ اللحم، وخيف السّقم، وجرى السراب على الأكم."

(أمرهم بالحمية، وأخبرهم أن السراب يجرى عند طلوعها، ولا يجرى قبل ذلك).

 

ونوء الثريا نوءٌ محمودٌ غزير مذكور. يقال إنه خمس ليال، ويقال سبع ليال. فهو خير نجوم الوسمي، لأن مطره فى زمن تريد الارض فيه الماء. فهو يمسك ثرى سنته. وفى الثريا إذا جادتهم خلف مما قبلها ولا خلف منها، يقولون: إنه ما اجتمع مطر الثريا، فى الوسمِ ومطر الجبهة فى الربيع إلّا كان ذلك العام تامّ الخصب، كثير الكلأ. قال ذو الرمة:

مجلجل الرعد عرّاصا إذا ارتجست

نوء الثريا به أو نثرة الأسدِ.

 

والثريّا. ويقال إنها ألية الحَمل. وهي أشهر منازل القمر، وذكرهم لها أكثر من ذكرهم غيرها. وجاءت مصغّرة لاجتماعها، ولم يُتكلم بها إلا كذلك، كما قيل حميّا الكأس، وسكيّت الخيل. وأصلها من الثروة، وهي كثرة العدد. وهى ستة أنجم ظاهرة، في خللها نجوم كثيرة خفية. ويسمونها نجماً. 

 قال ذو الرمة، يشبّه بيض النعام بالنجوم:

تعاليه فى الأدحىّ بيضا بقفرة 

 كنجم الثريا لاح بين السحائب.

قال المرّار:

ويوم من النجم مستوقد 

يسوق إلى الموت نور الظباء 

يريد يوماً من أيام الثريا. فسمّاها كلها نجما. فإذا سمعتهم يذكرون «النجم» من غير أن ينسبوه إلى شىء، فاعلم أنهم يريدون الثريا.

وهم يكثرون تشبيهها. فمن أحسن ما قيل فى ذلك، قول امرئ القيس:

إذا ما الثريا فى السماء تعرّضت 

تعرّض أثناء الوشاح المفصّل

وللعرب فيها أسجاع، منها قولهم: إذا طلع النجم، فالحرُّ فى حدم، والعشب فى حطم، والعانات فى كدم.

ونوء الثريا من مواسم الزراعة الصيفية المُبكرة، خاصة في الزراعة المعتمدة على الأمطار، كما هو الحال في بعض محافظات جازان الجبلية، التي تشهد أمطاراً صيفية في هذا الوقت من كل عام. 

 

والثريا من منازل القمر الشامية، قال الشاعر الأموي، عمر بن أبي ربيعة:

أَيُّها المُنكِحُ الثُرَيّا سُهَيلاً

عَمرَكَ اللَهَ كَيفَ يَلتَقِيانِ

هِيَ شامِيَّةٌ إِذا ما اِستَقَلَّت

وَسُهيلٌ إِذا اِستَقَلَّ يَمانِ.

MelhiSharahili@gmail.com