المقالات

ماذا بعد الانتخابات الرئاسية الروسية؟!؟

ماذا بعد الانتخابات الرئاسية الروسية؟!؟

✍️ ملهي شراحيلي

تنطلق صبيحة الجمعة ١٥ مارس ٢٠٢٤م، الانتخابات الرئاسية الروسية، وتستمر ثلاثة أيام، ومن المتوقع أن يتم إعادة انتخاب فلاديمير بوتين، رئيساً لروسيا لست سنوات قادمة تنتهي بحلول ٢٠٣٠م.

ومع أن الانتخابات الرئاسية الروسية أشبه بإعادة تعيين أكثر من كونها سباقاً تنافسياً، ولكن هناك أسباب وجيهة تجعل هذا التصويت لا يزال يشكل أهمية، على الأقل بالنسبة للرئيس الروسي، الذي يهيمن على روسيا منذ العام ٢٠٠٠م.

 

والقضية الأساسية من وجهة نظري الشخصية ليست أهمية الانتخابات الرئاسية الروسية، ولا حتى نتيجتها المعروفة سلفاً، وإنما ما سوف يترتب عليها، والتداعيات التي سوف تنشأ عنها.

وهنا لابد من الإشارة إلى وثائق مسربة تكشف بعض خطط روسيا لما بعد الانتخابات!!.

فقد كشفت صحيفة "الصن" البريطانية عما قالت إنه وثائق حكومية مسربة وصل لها قراصنة أوكرانيون تثبت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يستعد للحرب العالمية الثالثة.!!!

وتكشف الوثائق الموقعة من قبل بوتين، عن "خطط مخيفة" لمهاجمة أوروبا بعد هزيمة أوكرانيا.

 

وقال مركز المقاومة الوطنية الأوكراني إن قراصنة اعترضوا الوثائق عبر البريد الإلكتروني.

وفي رسالة يُعتقد أنها مكتوبة إلى بوتين، اقترح فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما، سياسات لفترة ولايته المقبلة من شأنها أن "تُغرق" أوروبا على الأرجح في الحرب.

والرسالة تكشف عن 5 أفكار رئيسية:

- تأميم الصناعات الرئيسية.

- زيادة في الرقابة.

- سحق المعارضة.

- تصدير الفوضى إلى مختلف أنحاء أوروبا.

- التخلص التام من التغريب في روسيا.

وجاء في نص الرسالة: "بعد انتهاء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وسقوط نظام كييف، فإن المواجهة بين روسيا والغرب لن تتوقف، بل ستشتد".

 

وبغض النظر عن مصداقية هذه الرسالة فإن الشواهد تقول إن روسيا تأخذ على محمل الجد النقاشات والجدل الأوروبي حول إرسال قوات إلى أوكرانيا، حيث طلبت موسكو عقد اجتماع لمجلس الأمن حول أوكرانيا في 22 مارس الجاري بعد «التصريحات والتحركات الغربية الخطيرة»، وقال النائب الأول لمندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي: «إن عددا من السياسيين الأوروبيين غير المسؤولين يريدون تصعيد النزاع الأوكراني والارتقاء به إلى مستوى جديد حيث إنه لم يعد صراعا غير مباشر، بل صراعا مباشراً بين روسيا وحلف الناتو»، وأشار بوليانسكي، إلى أنه من الصعب تفسير كلمات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول الحاجة إلى إرسال قوات التحالف إلى أوكرانيا بشكل مختلف عن منع انهيار نظام كييف.

 

إن محاولات روسيا الضغط على حلف الناتو لا تتوقف على تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، بشأن عدم استبعاد إرسال قوات لأوكرانيا، ولكنها تشمل أيضاً تفجير خط الغاز الروسي، السيل الشمالي الكبير، والتسجيل الصوتي المسرّب بشأن خطط هجوم محتملة على جسر القرم يناقش فيها ضباط ألمان كيفية مساعدة الأوكرانيين على تدمير الجسر وتدمير أهداف داخل روسيا، وقلق الضباط الألمان من افتضاح تورطهم المباشر في النزاع الأوكراني - الروسي.

 

حيث تستغل روسيا هذه المحادثة في الترويج لفكرة وجود مستشارين عسكريين من دول عدة أعضاء بالحلف في أوكرانيا لمساعدة قواتها على اختيار أهداف الضربات.

 

وهي ليست فكرة خيالية، حيث تقول وزيرة الخارجية النمساوية السابقة كارين كنايسل: «إن قوات عدد من الدول الغربية متواجدة بالفعل داخل الأراضي الأوكرانية، وتقاتل إلى جانب قوات كييف»، وهذه حقيقة واقعة ومعروفة.

 

خلاصة الموقف أن التوترات بين روسيا وحلف الناتو تزداد بشكل ملحوظ، حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الغرب يحاول إضفاء الشرعية على فكرة إرسال قوات من حلف «الناتو» إلى أوكرانيا، وهنا يبدو التصريح واقعياً إلى حد كبير رغم محاولات النفي الرسمية سواء من جانب مسؤولي حلف الأطلسي أو قادة ومسؤولين أوروبيين آخرين، حيث ترددت فكرة الرئيس الفرنسي على لسان قادة آخرين منهم الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، الذي أكد مؤخراً، أنه لا يمكن استبعاد إمكانية إرسال الغرب قوات عسكريه إلى أوكرانيا في ظل الأوضاع الراهنة في خطوط التماس ومجريات الأزمة الأوكرانية، وأوضح فوتشيتش: «ينتظرنا الكثير من المواقف الصعبة، فعندما تم ذكر الدبابات الغربية لأول مرة في أوكرانيا قال الكثيرون إن هذا لن يحدث أبدا لكنه حدث، وكذلك الأمر بالنسبة للطائرات».

 وأضاف: «الآن يجري الحديث عن إرسال القوات الغربية إلى أوكرانيا، ويقول بعض القادة الغربيين إن ذلك لن يحدث، لكنه سيحدث كما حصل من قبل»، وهو نفس مضمون تصريح ماكرون، الذي اكتفى بالقول: «إنه لا يوجد إجماع على هذه الخطوة حاليا»، ما يعني أن هناك إمكانية لحشد إجماع أطلسي في وقت لاحق.

 

مغزى تصريح الرئيس الصربي الذي يزج بالمسألة في مربع نقاشي أكثر سخونة، أن هناك شيئا ما تجري مناقشته وراء الكواليس، وأن تصريح ماكرون، ليس اعتباطياً، وإنما كان أقرب لبالون اختبار سياسي، كما يقول أحد المحللين السياسين.

 

وإذا ما أخذنا في الإعتبار توسع حلف الأطلسي، لاسيما بعد انضمام فنلندا والسويد، والمناورات العسكرية التي يجريها الحلف، لذلك فمن الطبيعي أن تنظر روسيا بقلق إلى مناورات الناتو «الرد الشمالي 2024»، التي تُجرى في النرويج وفنلندا والسويد بمشاركة أكثر من 20 ألف جندي من 13 دولة عضو بالحلف، وتستمر حتى منتصف مارس الجاري، وترى فيها استفزازاً ينتج مخاطر إضافية لشمال أوروبا.

 

إن توسع حلف الأطلسي يتزامن مع حالة من «عدم اليقين» تسود أوروبا على حد تعبير وزير الخارجية الفرنسي، حيث تشعر أوروبا بقلق عميق إزاء تزايد احتمالات انتصار روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وهو السيناريو الذي تخشاه أوروبا تماماً، ويأتي في توقيت قد يصل فيه الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى السلطة مجدداً في الولايات المتحدة، بكل ما يعنيه ذلك بالنسبة لشركاء الأطلسي، الذين لا يخفون شكوكهم من استمرار الالتزام الأمريكي بالدفاع عن أمن أوروبا، وصولا إلى الشك بقدرة القارة العجوز على الصمود في مواجهة هذه الأخطار من الأساس، وذلك في توقيت تتحدث فيه تقارير روسية عن أن خطط هجوم حلف الناتو على روسيا ليست في خزائن أو أدراج القادة العسكريين، إنما موضوعة بالفعل على طاولاتهم!!.

 

وإذا أضفنا إلى ماسبق، تهديد بوتين، بالسلاح النووي، وتأكيده على استعداد بلاده لاستخدام الأسلحة النووية إذا تعرض وجود الدولة الروسية للتهديد، وتحذيره: "إذا دخلت قوات أمريكية إلى أوكرانيا، فإن روسيا ستتعامل معها على أنها جهات دخيلة".

فإن مجمل هذه المعطيات تؤكد بما لايدع مجالاً للشك بأن مابعد الانتخابات الرئاسية الروسية سوف يكون حرباً أشد ضراوة ليس على أوكرانيا، وإنما على أوروبا قاطبة.

ولن ينتظر بوتين، كثيراً بعد إعلان فوزه في تنفيذ اجندته فوراً، سواءً على جبهات القتال في أوكرانيا، أو في تفكيك حلف الناتو، مستغلاً فترة الانتخابات الحزبية في الولايات المتحدة الأمريكية التي سوف تستمر حتى أواخر ٢٠٢٤م، قبل أن يتمكن ترامب من استعادة البيت الأبيض.

 

إن النجاحات التي تحققت لروسيا كفيلة ليس بإعادة بوتين، للكرملين فحسب، بل أنها سوف تعزز من هيمنته، وربما تغريه لمواصلة نهجه في حرب الغرب وتقويض النظام العالمي ذو القطب الواحد، وتعميق فكرة عالم متعدد الأقطاب، ولو اضطره الأمر لاستخدام الأسلحة النووية. 

قال أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد، الجعفي، الكوفي، الكندي أبو الطيّب المتنبّي :

أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني

ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ

لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ

مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ

فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ

وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ.

MelhiSharahili@gmail.com