المقالات

الذكرى السنوية الثانية للحرب الروسية الأوكرانية

الذكرى السنوية الثانية للحرب الروسية الأوكرانية

✍️ ملهي شراحيلي

عامان مضت منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن عملية عسكرية روسية في أوكرانيا، صبيحة ٢٤ فبراير من عام ٢٠٢٢، ورغم أنّ روسيا تكبّدت خسائر فادحة للغاية بسقوط نحو 120 ألف قتيل وفق مصادر أميركية، إلّا أنّها تمكّنت من تجنيد ما يقرب من نصف مليون عنصر في العام 2023 ونحو 53 ألفاً آخرين في كانون الثاني/يناير 2023، بحسب الأرقام الرسمية.

 

ويوم الجمعة احتفلت روسيا بيوم المدافعين عن الوطن، وهو احتفال سنوي، تحتفل به روسيا في 23 فبراير من كل عام، ويأتي هذا العام فيما حقق الجيش الروسي عدة نجاحات في أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية.

 

وفي مقطع فيديو تم بثه الجمعة، أشاد فلاديمير بوتين، بـ"المشاركين في العملية الخاصة" في أوكرانيا، معتبرا أنهم "يقاتلون من أجل الحقيقة والعدالة".

وأضاف: "أنتم أبطال شعبنا الحقيقيون".

 

وعبّر بوتين مراراً وتكراراً عن رضاه عن الوضع، وقلّد جنوداً أوسمة واستقل قاذفة استراتيجية، وكان بوتين، وجّه جزءاً كبيراً من الاقتصاد الروسي نحو المجهود الحربي، عبر زيادة إنتاج المعدّات العسكرية وتجنيد مئات آلاف الجنود.

 

وقال : "في السنوات الأخيرة، قامت الشركات في المجمع الصناعي العسكري بزيادة إنتاج الأسلحة وتسليمها للقوات" الروسية. كذلك، أشاد بتسليم صواريخ ومسيّرات ومركبات مدرّعة ومدفعية وأنظمة دفاع جوي. 

وقال: "بناءً على خبرتنا القتالية الحالية، سنواصل تعزيز القوات المسلّحة".

 

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة تفاصيل عقوبات جديدة على موسكو، رغم أنّ الإجراءات الانتقامية التي اعتمدتها خلال العامين الماضيين لم تفلح في إيقاف الحرب الروسية.

 

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، في بيان الجمعة: "إذا لم يدفع بوتين ثمن الموت والدمار اللذين يتسبب فيهما سيواصل ذلك".

 

وأعلن بايدن، عن عقوبات تستهدف أفراداً مرتبطين بسجن المعارض أليكسي نافالني، الذي توفي في 16 فبراير الجاري، و"آلة الحرب الروسية" ونحو مئة كيان يساعدون موسكو في الالتفاف على العقوبات.

 

وفرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات كبيرة تؤثر على مساحات كبيرة من الاقتصاد الروسي والمسؤولين البارزين في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث اتخذت الولايات المتحدة إجراءاتها بالتنسيق مع حلفائها من الدول الأوروبية التي فرضت أيضاً حوالي 12 حزمة عقوبات ضد بوتين في محاولة لمعاقبته على الغزو وإضعاف قدرة قواته على شن الحرب.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية بدأت في فرض عقوبات اقتصادية قاسية وقيود تصدير على الاقتصاد الروسي خلال الأيام التي أعقبت العملية العسكرية الروسية مباشرة في 24 فبراير 2022، بما في ذلك تجميد أصول البنك المركزي الروسي، وحظر العديد من بنوك روسيا عن استخدام نظام الرسائل المالية "سويفت". كما فُرض سقف لأسعار النفط الروسي في صيف عام 2022 ونُفذ في ديسمبر من ذلك العام، مستهدفاً سلعة بوتين الأكثر ربحية، وهي الغاز الروسي.

 

وتعتزم الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على أكثر من 500 شخص وكيان مرتبطين بآلة الحرب الروسية، في محاولاتها المنفردة الأكثر شمولاً للضغط على الاقتصاد الروسي بعد عامين من الحرب التي شنتها قوات الرئيس فلاديمير بوتين، ضد أوكرانيا.

 

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن الولايات المتحدة تخطط للكشف عن حزمة جديدة من العقوبات الـ"كبيرة" عقب وفاة زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني في سجن ناءٍ في القطب الشمالي.

 

وعلى الرغم من انكماش اقتصاد روسيا في البداية وانخفاض الروبل الروسي، إلا أن البلاد تعافت في نهاية المطاف ويُتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 2.6% هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي، مما يعني فشل العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية ضد روسيا.

 

وقبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الروسية المقرّر إجراؤها بين 15 و17 آذار/مارس، تأتي الذكرى السنوية الثانية للحرب الروسية الأوكرانية، في وقت بات بوتين، في وضع أفضل بكثير، بعدما شهد العام 2022 فشل الهجوم على كييف وانتكاسات مذلّة، للجيش الروسي على أكثر من جبهة.

 

لقد شهدت روسيا وأوكرانيا خلال العامين الماضيين تغيرات جوهرية لاسيما فيما يخص القادة العسكريين في كلا البلدين، وتحولات دراماتيكية لسير العمليات العسكرية، وشكّلت السيطرة على مدينة أفدييفكا الواقعة في الجزء الشرقي من أوكرانيا بعدما واجهت هجمات روسية عدّة منذ تشرين الأول/أكتوبر، مناسبة بالنسبة لبوتين لتقديم نفسه على أنّه منتصر.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:

ماذا بعد أفدييفكا؟

فهل يستمر الجيش الروسي بفرض إيقاع المعركة كما يريد؟

هل يستمر التقدم نحو كييف؟

وماذا عن أوديسا؟

إن النجاحات التي تحققت للجيش الروسي خلال العامين الماضيين، ليست بسبب قوة وضراوة الجيش الروسي، وإنما بسبب إعتماد الجيش الأوكراني على المساعدات والدعم الغربي، وعندما بدأت تلك المساعدات تنفذ بدأت تتساقط البلدات والمدن الأوكرانية. 

هذا ويواجه الجيش الأوكراني وضعاً "صعباً للغاية" على كافة الجبهات، وفقاً للرئيس فولوديمير زيلينسكي. واضطرّت أوكرانيا إلى سحب قواتها من مدينة أفدييفكا، الأسبوع الماضي، في مواجهة الهجمات الروسية.

ولأن المصائب لا تأتي فرادا، كما قيل قديماً، فالمشاكل تتراكم بالنسبة لأوكرانيا التي تضرر جيشها كثيراً بسبب هجومها المضاد في صيف العام 2023، وأصبحت غير قادرة على تجديد صفوف جيشها، لاسيما بعد انحصار المساعدات الغربية، رغم المناشدات والتوسلات الأوكرانية للغرب عموماً والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص.

ولم يفتأ زيلينسكي، من مطالباته الغرب بمزيد من الأسلحة والدعم، ولسان حاله يردد ما قاله الشاعر المملوكي، بهاء الدين زهير:

قَصَدتُكُمُ أَرجو انتِصاراً عَلى العِدى

حَسِبتُكُمُ ناساً فَما كُنتُمُ ناسا

فَلَم تَمنَعوا جاراً وَلَم تَنفَعوا أَخاً

وَلَم تَدفَعوا ضَيماً وَلَم تَرفَعوا راسا.