المقالات

نظرة إستباقية لأحداث ٢٠٢٤ ميلادية 

نظرة إستباقية لأحداث ٢٠٢٤ ميلادية 

✍️ ملهي شراحيلي

بعيداً عن التشاؤم، وبقليل من التفاؤل، مع شيءٍ من التمعن الحذِر، ومزيدٍ من التدقيق والتمحيص في مجريات الأحداث الجارية، وما سوف يترتب عليها وينتج عنها، قد نستشف بعض الأحداث، لاسيما أن أحداث العالم اللاحقة ليست سوى إمتداد للأحداث السابقة.

فلو تأملنا مايجري حالياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو ما يدور في أوكرانيا، أو كوريا الشمالية، أو حتى مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر، لوجدنا أن تلك المجريات هنا وهناك، ليست سوى إمتداد لأحداث سبقتها، وبالتالي فإن هذه الأحداث سوف ينتج عنها أحداثاً أخرى لاتقل عنها أهمية.

 

لقد انعكست الحرب الروسية الأوكرانية على العالم قاطبة، ولاتزال تداعياتها تعصف بالعالم، ولايُستبعد أن يتطور الصراع في أوكرانيا ليشمل أجزاءً من أوروبا، وربما جل دول أوروبا إن لم يكن كلها، وليس بالضرورة أن يكون على شكل حرب عسكرية، فقد يأتي على شكل صدمات اقتصادية وسياسية، من خلال الإفلاسات لبعض مؤسسات وشركات تلك الدول، أو مظاهرات واعتصامات، أو حتى انقلابات عسكرية وسياسية. 

والحال كذلك في روسيا، فقد تنعكس الحرب عليها، أما بأيادي الغرب مباشرة أو بطرق غير مباشرة. 

 

ومن الأحداث الجارية التي سوف يمتد تأثيرها على العالم خلال العام ٢٠٢٤م، أسلحة كوريا الشمالية وصواريخها الفضائية، خاصة بعد تهديد رئسها، ودعوته للحرب!!.

 حيث ‏قال زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، للقادة العسكريين في بلاده يوم الإثنين الماضي، أنه يجب حشد أقوى الوسائل لتدمير الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إذا اختارتا المواجهة العسكرية.

وأضاف كيم أن "خطر اندلاع مواجهة عسكرية في شبه الجزيرة الكورية يتزايد على نحو سريع بسبب المناورات العدائية التي يقوم بها الأعداء ومنهم الولايات المتحدة ما يتطلب من البلاد أن تستعد جيداً لحماية نفسها".

ويوم الخميس قبل الماضي، كان قد دعى الزعيم الكوري، كيم جونغ أون، إلى تسريع الاستعدادات للحرب في مختلف المجالات بما فيها برنامج الأسلحة النووية إزاء "مناورات المواجهة" التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

 

وليس ببعيد عن كوريا الشمالية، تأتي أحداث تايوان في جملة الأحداث العالمية التي ما إن تتوارى عن الأنظار، حتى تعود من جديد، وهي في ٢٠٢٤م، سوف تكون من أهم الأحداث التي سوف تشهد مزيداً من التطورات.

وإن كانت تايوان ليست سوى قمة جبل الخلافات الصينية الأمريكية، فإن أعماق الخلاف الاقتصادي بين البلدين سوف تشهد مزيداً من التصعيد على شكل عقوبات اقتصادية، ربما تنتهي بمواجهة عسكرية أما في تايوان أو بحر الصين ولكن ليس في عام ٢٠٢٤م.

 

أما أحداث فلسطين والحرب الفلسطينية الإسرائيلية، فلا تخفى على أحد، ومآلاتها مفتوحة على كل الاحتمالات، ولا يُستبعد أن تمتد لأبعد حد. 

وهي رغم أن عمرها يزيد عن السبعين عاماً، إلا أنها في عام ٢٠٢٤م، تؤسس لمرحلة أطول وموجة أشد ضراوةً، ولن تنطفئ شرارتها قبل أن تطال بعض جيرانها سواءً في لبنان، أو سوريا أو مصر والأردن وحتى إيران.

 

وتأتي أحداث البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب، فهي وإن كانت ليست سوى إمتداد للهمجية العسكرية التي تتبناه الحركة الحوثية الإرهابية، إلا أنها في عام ٢٠٢٤م، سوف تشكّل مُنعطفاً حاسماً ليس للحركة الملاحية، والتجارة الدولية فحسب، بل سوف تؤدي إلى صدمات اقتصادية للعالم، ولذا فقد يدخل باب المندب وخليج عدن تحت الحماية الدولية وبموافقة مجلس الأمن الدولي، حتى يتسنى مرور السفن، ولو بالقوة.

 

ومن الأحداث التي يمكن نلقي عليها نظرة إستباقية خلال العام ٢٠٢٤م، الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنها لن تتم إلا مع نهاية العام، إلا أن هذا العام سوف يزخر بالأحداث السياسية والاقتصادية والعسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لاسيما وأن الوضع الداخلي هناك شديد الإنقسام بين الديمقراطيين المتشبثين بالسلطة، والجمهوريين المتعطشين لها، والطامحين لاستعادتها. 

ولايُستبعد أن يتحول الصراع السياسي على البيت الأبيض، إلى صراع اقتصادي واجتماعي يعصُف بالشعب الأمريكي. 

وقد تتدخل بعض الشركات الأمريكية والمنصات الرقمية في هذا الصراع، لاسيما منصة X ومالكها إيلون ماسك.

 

ورغم تلك الأحداث وأهميتها وما سوف يترتب عليها أو ماينتج عنها، إلا أن الأهم من ذلك كله أن تكون لنا نظرة واقعية لا تشاؤمية بإفراط، ولا تفاؤلية بسذاجة. 

فالتشاؤم لن يغير الواقع بشيء، كما أن التفاؤل المبالغ فيه سوف ينعكس على شكل إحباط!!

وكما قال العشماوي:

وما الشؤم إلا في نفوسٍ مريضةٍ

عليها من اليأسِ الثقيلِ حجابُ

لذا عزيزي القارئ الكريم، أظنك تتفق معي أن سوداوية الأحداث العاصفة بالعالم، يجب أن يقابلها نظرة أوسع، مبنية على قناعة شخصية، أن كل الأحداث ليست سوى أقدار، شاء الله ظهورها، فهيأ لها المسببات، ووفر لها المببرات، لغايةٍ لايعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. 

 

هذا فيما يخص الأحداث السياسية، لكن ماذا عن الأحداث الكونية، التي قد يشهدها العالم خلال العام ٢٠٢٤م؟!؟

ماذا عن الأمطار؟ وشدة الحر صيفاً، والبرد شتاءً؟

وماهي المناطق والدول التي سوف تشهد عواصف مطرية وأعاصير؟

وماهي البلدان التي سوف تشهد زلازل وبراكين؟!؟

وماذا عن المحاصيل الزراعية؟

وماهي الأمراض التي سوف تنتشر أو تظهر خلال هذا العام ٢٠٢٤م؟

 

إن ‏الفهم الأعمق لحياتنا، وللأحداث من حولنا، هو أن كل مامر وما سيمر بنا ليس لنا الحق في أن نطلق عليه حُكماً بالخير أو الشر، بل هو مقتضى الحكمة الآلهية التي تسير بنا في الطريق المرسوم الذي يوصلنا لغايتنا .

وقد صدق أبو الطيّب المتنبّي، حين قال:

وَما الخَوفُ إِلّا ما تَخَوَّفَهُ الفَتى

وَلا الأَمنُ إِلّا ما رَآهُ الفَتى أَمنا

وتبقى تلك الأحداث وغيرها من الأحداث، ليست سوى أقداراً مقدرة، ومشيئة إلاهية، ليس المطلوب منّا أن نعرف لماذا كانت، ولن نعرف وإن حاولنا كيف ستكون، ومالم يكن لو أنه كان، كيف كان يكون.

وكما قال الشاعر:

‏ولا ندري عن الأقدارِ شيئًا

وفي الأقدارِ منفعةٌ و ضُرُّ

فقد يأتي من المكروهِ خيرٌ

كما يأتي من المحبوبِ شَرُّ.