المقالات

ماذا بعد السابع من أكتوبر؟!؟

ماذا بعد السابع من أكتوبر؟!؟

✍️ ملهي شراحيلي

 

هناك تواريخ فاصلة في مفارق الدهر، وعلى جبين الأيام، وحياة الأمم والشعوب، تدخل الكتب وتتدارسها الأجيال، جيلاً تلو جيل، وأُمّة تلو أخرى.

تواريخ يخلّدها التاريخ، ويحفظها الدهر.

ولعل السابع من أكتوبر، هو أحد تلك التواريخ الذي سوف يظل منقوشاً في ذاكرة التاريخ المعاصر، على الأقل، هذا مايراه بعض الفلسطينون لاسيما في غزة.

وهو كذلك سيظل تاريخاً خالداً في ذاكرة الإسرائيليون، ويوماً أسوداً في عيونهم.

والحقيقة أن يوم السابع من أكتوبر، لم يكن يوماً عادياً لكيلا الفريقين، ولن تكون الأيام التي بعده، مثل ما كان قبله من أيام.

وسوف تظل ذكرى هذا اليوم كابوساً لليهود، وفخراً وعيداً للفلسطينين.

ولعل من عجائب هذا اليوم، (يوم السابع من أكتوبر) أنه صادف يوم السبت!!.

وما أدراك ما السبت بالنسبة لليهود!؟!

 

في حقيقة الأمر، أن السابع من أكتوبر لهذا العام ٢٠٢٣م، سوف يشكّل منعطفاً جديداً في مسار القضية الفلسطينية، ويغير الكثير من قواعدها التي نشأت عليها، وآلت إليها منذ ٧٥ عاماً.

لكن السؤال الذي يطح نفسه الآن:

ماحقيقة ماجرى في السابع من أكتوبر؟

هل فعلاً تم اختراق المخابرات الإسرائيلية؟ وتحييدها قبل بدء الهجوم؟

وما صحة أرقام القتلى الإسرائيلين والجرحى والمصابين؟

وما صحة المشاهد التي تتناقلها وكلات الأنباء ووسائل الإعلام لعملية الاقتحام التي نفذتها كتائب عز الدين القسام؟

وهل تواطئت الأجهزة الأمنية في إسرائيل مع المقتحمين من غزة؟

كم عدد العناصر الفلسطينية التي توغلت في المستعمرات الإسرائيلية المحاذية لغزة؟

 

والسؤال الأهم:

ماذا بعد السابع من أكتوبر؟

 

لقد دُهِشَ العالم مما جرى في صبيحة السابع من أكتوبر، مع أن ما جرى لم يخلُ من التزيين الإعلامي، والتبهير السياسي، ممزوجاً بعواطف انفعالية، مقروناً بنعرات طائفية، ومشوباً بمماحكات ساسية، ودوافع عقائدية، سواءً في الأوساط الفلسطينية والعربية، أو في أروقة الإسرائيلين، والعواصم الغربية.

ولكل ناعقٍ من القوم، من هنا وهناك، أجندته الخاصة وأهدافه التي يمنّي نفسه بالوصول إليها مستفيداً من أحداث ذلك اليوم، وممهّداً لما بعده.

إن أرقام لقتلى والمصابين من اليهود في يوم السابع من أكتوبر، لايمكن معرفتها على حقيقتها، ولا يستطيع أحد الجزم بصحتها، ناهيك عن أعداد المقتحمين من كتائب عز الدين القسام، وعدد الرهائن والمفقودين، وحتى أعداد الشهداء والمصابين في غزة. 

فإذا كانت غزة طولها لايزيد عن أربعين كيلاً وعرضها أقل من ٨ كيلومترات، يقطنها أكثر من مليوني نسمة، وألقت عليها إسرائيل أكثر من أربعة آلاف طن من المتفجرات، ومع ذلك لم يستشهد منها سوى 1537 والمصابين 6612 

وهذا طيلة الستة أيام الماضية!

بينما قتل في إسرائيل أكثر من ١٣٠٠

وجرح حوالي ٣٣٠٠ وأُسر ٥٠٠ خلال يوم واحد!!!

هذه الأرقام المتناقضة مع حجم الأسلحة المستخدمة، تعني أن العملية لن تتوقف عند هذا الحد، لاسيما إذا أخذنا في الإعتبار حجم الاصطفاف الغربي، وكمية الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل في هذه الحرب التي انطلقت في السابع من أكتوبر.

 

لقد بات واضحاً للعيان أن من أهم الأهداف التي تسعى إسرائيل لفرضها، بمساعدة وتأييد الغرب، تهجير سكان غزة ونقلهم إلى سيناء المصرية وهذا ماحذر منه الرئيس المصري، وقد حسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشائعات التي ترددت حول وجود نية لاستقبال الفلسطينين القادمين والفارين من قطاع غزة جراء الاعتداءات المتواصلة على القطاع، فقد أكد السيسي أن مصر "لم ولن تتأخر عن مساعدة الفلسطينيين لكن خروجهم من بلادهم يعني تصفية القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب جميعا".

وقال خلال حفل تخريج طلاب الكليات العسكرية مساء الخميس أن بلاده تستضيف 9 ملايين نزحوا من بلادهم بسبب الاضطرابات الدائرة فيها، موضحا أن "الوضع مختلف مع الفلسطينيين الذين يجب أن يبقوا في بلادهم ومواصلة الصمود حفاظاً على قضيتهم وأرضهم ويتحتم على مصر ألّا تتركهم".

إن وجود قتلى من جنسيات مختلفة بحسب الرواية الإسرائيلية، ليس سوى ذريعة أخرى لتحشيد تلك الدول، ليس ضد غزة فقط، وإنما ضد لبنان وسوريا وإيران في قادم الأيام.

فأولئك القتلى الذين تتحدث عنهم إسرائيل، هم يهود وهم كغيرهم من يهود إسرائيل الذين يحملون أكثر من جنسية.

إن وصول عدداً من القطع العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وآخرها كما أعلن البنتاغون: حاملة طائرات، ومقاتلات F 35، ليس سوى مقدمة للمزيد من الأسلحة والمعدات الغربية والجيوش التي لن يناط بها تحرير الرهائن في غزة، وإنما للاستعداد لمعركة أخرى خارج إسرائيل.

 

إن ماجرى في السابع من أكتوبر، وما يجري الآن، وما سوف يأتي بعده، لايمكن فصله عن مجريات الأحداث في إفريقيا، ومن الطبيعي جداً أن يكون امتداداً لما يجري في أوكرانيا، فالهيمنة الغربية فقدت مراكزها هناك، وهاهي آلان تجد ضالتها في فلسطين، ولن تألوا جهداً في توظيف هذا الحدث واستغلاله، ولن تتردد في خوض الحرب، طالما أن هذه الحرب تعيد لها بعضاً من غطرستها وكبريائها، وتكسر شوكة روسيا والصين على الأقل في هذه المنطقة بعد أن فقدت مناطق أخرى.

ويظل يوم السابع من أكتوبر، حدثاً فريداً يسعى كل طرف أن يقتبس منه بعض بريقه، ويظل الشعب الفلسطيني الصخرة التي تتحطم عليها مطامع الغرب وأحلام الصهاينة، وكأنهم كما قال صفي الدين الحلي:

‏قومٌ إذا الخَطْبُ دوّى في مرابعهم

وراحَ يقذفُ من أشداقه نارا

قالوا له والردى تغلي مراجله

إن كنتَ ريحاً فقد لاقيت إعصارا.